أحداث دوليةأخبار

حركة إلى الأمام الفرنسية واختبار القوة ضد أصحاب السترات الصفراء

إيمانويل

لم يكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزعماء حركة إلى الأمام يترقبون خروج المواطنين الفرنسيين إلى الشارع بدون تأطير حزبي أونقابي، في إطار حركة أصحاب السترات الصفراء، و أن يصل الاحتقان إلى هذه الدرجة المهددة للسلم الاجتماعي الذي تراجعت فيه شعبية الرئيس وحركته التي حققت نتائج هائلة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة، التي أطاحت بهيبة وحضور الأحزاب اليمينية واليسارية التي كانت تهيمن بقوة على الشارع الفرنسي، ويتوقع أن يتزايد الاحتقان في المستقبل إذا لم يتمكن الرئيس وحكومته من معالجة المشاكل المطروحة، والاستجابة لمطالب الفئات الاجتماعية التي تضررت بالسياسة الليبرالية المتوحشة التي تنهجها حكومة هذه الحركة اليوم.

ليس أمام إيمانويل ماكرون إلا الاستجابة لمطالب المتظاهرين في الشارع الذين لاتؤطر معظمهم الأحزاب والنقابات، والعدول عن سياسة تمرير القرارات بواسطة أغلبيته البرلمانية كما حدث في قوانين العمل والسكك الحديدية، وآخرها الضرائب الجديدة التي لا يستطيع الفقراء والمحسوبون على الطبقة الوسطى تحملها، وإذا ما أعدن لسلطته سيكون خاسرا في استرجاع شعبيته التي انهارت .. خصوصا، بعد أن أصبح أصحاب السترات الصفراء يطالبون برحيله المبكر، وبعد أن خرجت بعض الأحزاب عن صمتها في هذا المضمار والتي وضعت مطلب حل الجمعية الوطنية على رأس مطالبها لاحتواء الأزمة الجديدة التي انضم إليها الطبلة والتلاميذ.

من المؤكد، أن ماكرون يستحضر تاريخ الخرجات الشعبية الفرنسية، ويدرك أنها انتهت برحيل من كان على رأس الجمهورية، وأن الرهان على القمع والاحتواء الأمني سيضاعف من الاحتقان في الشارع الذي قد تنظم إليه باقي الفئات رغم كل الوسائل الأمنية المتاحة اليوم، ناهيك عن تحرك الأحزاب والنقابات التي ستجد نفسها مرغمة على ذلك، مما قد يعجل بانتخابات سابقة لأوانها .. ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن ماكرون يستوعب ذلك، بعد القرار بإلغاء الضرائب الجديدة بعد عودته من قمة العشرين في الأرجنتين .. وفي جميع الأحوال، ستكون حركة إلى الأمام في امتحان القوة أمام الشارع الذي لن يعفيها من سرعة التجاوب وإيجاد الحلول لأسباب الاحتقان الجديدة، وربما يؤدي الأمر إلى توسيع الاحتقان في حالة انتظار الحركة لعودة الهدوء بدون حلول للمشاكل التي اضطرت أصحاب السترات الصفراء إلى التظاهر اليوم.

إن حركة إلى الأمام التي قادها إيمانويل إلى قصر الإليزي، مجبرة اليوم على استخلاص الدروس من هذه الإضرابات والاحتجاجات، عقب النجاح التاريخي الذي حققته عقب الانتخابات الأخيرة، التي أطاحت بالأحزاب اليسارية واليمينية حتى تتراجع هذه التداعيات التي تخلفها تحركات أصحاب السترات الصفراء، في انتظار تمكن ماكرون وحكومته من إيجاد الحلول التي توقف مثل هذه الاحتجاجات والإضرابات التي أصبح من المفروض على حركة إلى الأمام التعبير عن قدراتها الخلاقة في تجاوز أسباب هذا الاحتقان اليوم التي لم يمكن التكهن بنتائجها لافتقارها إلى من يؤطرها كالأحزاب والنقابات.
طبعا، الكرة الآن في ملعب المقيم في قصر الإليزي لاحتواء العوامل المحركة لهذه الاحتجاجات الشعبية التي تعود إلى الانفراد الحكومي الرئاسي في اتخاذ القرارات التي لا تحظى بالموافقة والمساندة من الطبقات الاجتماعية المتضررة منها، كما يجري الآن في الشارع الفرنسي المرشح لكل الاحتمالات بما فيها توسيع دائرة العصيان الشعبي التي يكون من الصعب التحكم فيها واحتواء تداعياتها.

ما يمكن استخلاصه من احتقان الشارع في فرنسا، هو أن ماكرون وحركة إلى الأمام يقفان اليوم بدون سند شعبي الذي قد تخسرانه في حالة التعنت في عدم خلخلة الملفات الاجتماعية والاقتصادية المطروحة .. خصوصا، إذا كانت سياسة الحكومة لا تخدم تطلعات الفقراء والطبقة الوسطى التي تضررت بالقرارات الحكومية الليبرالية التي لجأت إليها حركة إلى الأمام، كما تكشف على ذلك حركة السترات الصفراء التي بدأت شعبيتها ترتفع لطابعها العفوي ومطالبها الاجتماعية المشروعة التي لا يستطيع ماكرون تجاهلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق