أخبارمنبر حر

بلغة و مفاهيم العصر، تعالوا لنفهم قول الرسول عليه السلام نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة و الفراغ

ذ. عبد اللـه عزوزي

ABDELLAH AZZOUZIأتساءل في قرارة نفسي كيف يمكن للإنسان العربي عامة، و للمواطن المغربي على وجه التحديد، أن يكون فاشلا، أو محبطاً، أو عاطلا أو عالة على غيره، أو مصدر أذى لمن فوقه أو دونه ..؟ كيف له أن ينسج خيوط شراكه و أحبال مشنقته بيديه، و في حياته تعاليم نَبيّ مَسنُود بالوحي و التمكين الرباني في الأرض و السماء.

فحسب علمي أن (السائحون أو السائقون) الذين يتيهون في الصحاري و الغابات، و يفقدون الوجهة الصحيحة هم أولائك الذين لا يملكون خرائط يقتفون خيوطها و علاماتها .. ! فماذا لو اعتبرنا أن أحاديث الرسول (ص) التي تجد جذورا لها في القرآن الكريم هي بالفعل خارطة طريق مُحكمة الرسم و قادرة على تأمين حياة العابرين، ليس هذا فقط، بل أن تجعل منهم قادة و متميزين، تاريخيين و ليس لحظيين فقط.

يخص الناس قوانين الانتخابات و تلك المُؤطّرة للمؤسسات، بل و حتى قوانين اللعب و المسابقات، مهما صغرت أو كبرت، الكثير من العناية و الاعتبار، رغم أنها تكون لحظية و مرتبطة برزنامة مؤقتة، في حين يغضون الطرف عن قوانين الحياة الشخصية و المصيرية التي أورد الرسول عليه السلام بعضها في أحاديثه الرائعة.

فالكثير منا يمر مرور الكرام على الحديث الشريف الذي يتصدر هذه التدوينة، بل و المؤسف أن هذا الحديث لا أثر له في حياة يافعي و شباب اليوم؛ كل ما يمكن توثيقه في علاقة الناس به (الحديث) يُبرهن بالواضح على أنهم لا يقيمون و زنا و لا فهما لتلك الحكمة النبوية (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس…) لكن، ماذا لو اعتبرنا أن الصحة و الوقت هما موردان(resources)، مَوْردَين طبيعيَّيْن، متوفران لدى غالبية الناس، و أن أهميتهما تصبح ملموسة عندما ننظر في واقع من لا يملكهما أو محرومٌ منهما كالمرضى و السجناء .. فكيف يسمح الإنسان العربي لنفسه بأن يمر عليه الحول (العام) و هو أمام نفس شاشة الهاتف، أو فوق نفس الكرسي في نفس المقهى مع اختلاف بسيط في أشكالها و نوعها و أساميها ..؟

أظن أنه من ضعف البصيرة – و وضع من أضاع عدم اليقين — أن يتوقع المرء تغييرا في ظروفه و آفاقه و هو غير قادر على استثمار موردين أساسيين من موارد حياته، الصحة و الوقت، و التي من نعم الله عليه أنه لا يطلبهما من بنك، و لا يستوردهما من وراء المدن و الحدود، و لا يدفع عنهما ضريبة في ميناء و لا مطار.

علينا أن نكون صرحاء مع أنفسنا، و نقر أن الوسائط الاجتماعية اليوم أصبحت تسرق منا أعز و أغلى ما عندنا من موارد، مواردٌ فردية خاصة بنا و خالصة لوجهنا، و لا يشاركنا تدبيرها أي أحد، هي ممكن أن تكون تحت سيطرتنا بالكامل (الوقت من خلال حسن تدبيره، و الصحة عبر الاعتناء بها و تجنب تدميرها بالعادات السيئة كالتدخين و كثرة الجلوس خلف مقاود السيارات و أمام الشاشات (بكل أصنافها)…
نحن فعلا في عصر تستعملنا فيه التكنولوجيات و تستهلكنا أكثر مما نستعمل فيه نحن تلك الوسائط و الآليات من أجل التدبير الأفضل لحياتنا و حياة غيرنا (المؤقتة) على وجه هذا الكوكب الساحر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق