أخبارملفات و قضايا

الخطاب الملكي في عيد العرش 2019 وانكشاف ضعف الأغلبية الحكومية في صياغة النموذج التنموي

العرش 1

وضع جلالة الملك في خطاب العرش لسنة 2019، النهاية لنقاش أحزاب الأغلبية الحكومية في صياغة النموذج التنموي، القابل للإنجاز والملائم للخصوصية المجتمعية، والكفيل بإبراز روح المسؤولية والإقناع في اختياراته وبرامجه في جميع المجالات، بعد أن عجزت الأغلبية الحكومية على التوافق على محاور النموذج وبرامجه ومصادر تمويله، وهو ما يعني بالوضوح ضرورة مراجعة أحزاب الأغلبية لمنهجية عملها ومعالجة الفجوة العميقة التي تتميز بها رؤاها حتى الآن، وافتقارها إلى ما يقرب بينها، كما ترجمته كافة التشريعات والمخططات التي سهرت عليها، سواء في عهد عبد الإله بن كيران أو في عهد سعد الدين العثماني .. فهل ستقدم الأغلبية الحكومية الحالية الاعتذار للمغاربة على الفشل في إبراز النموذج التنموي المطلوبة صياغته ..؟

إن وضع جلالة الملك في خطابه بمناسبة الذكرى العشرين لعيد العرش المجيد النهاية لجدل الأغلبية الحكومية، التي لم تتمكن من الاتفاق على محور هذا النموذج التنموي، ولا المرجعيات النظرية التي ستوجه برامجه، ولا المبادرات الحكومية لتنفيذه، مما يعني أن الحكومة استوعبت الرسالة الملكية اتجاه هذا الموضوع، وعليها أن تعتذر لجلالة الملك وللشعب المغربي عن قصورها في إنجاز هذه المهمة .. وبالتالي، أن تتخلى أحزابها عن لغة الاستعلاء والوعي الزائف الذي كانت تتعامل به مع ما يواجهه المغاربة في ظل النسخة الثانية من وجودها .. ويكفي أن مطالبة جلالة الملك لرئيس هذه الأغلبية الحكومية بإجراء التعديلات في الحقائب التي فشلت في القيام بمسؤولياتها التدبيرية والتنموية، واختيار الكفاءات المؤهلة للقيام بالمهام الحكومية، وصياغة النموذج التنموي القطاعي للنهوض بما فشلت الأغلبية في القيام به، وبما يتجاوب مع الأوراش الكبرى التي أشرف عليها جلالة الملك، المرتبطة بمهامها وبالبرنامج الذي صادق البرلمان عليه في تحملها المسؤولية الحكومية.

إن مقاربة جلالة الملك في خطاب العرش من خلال التشخيص الموضوعي لما ينبغي أن يكون عليه النموذج التنموي في إطار الأوراش الكبرى التي تمكن الوطن من إنجاز البنية التحتية، وإرساء الجهوية والتأهيل الحضري، وتكريس دولة الحق والقانون والمؤسسات الديمقراطية، والإعلاء من الحقوق والحريات أصبح يفرض استكمال هذه الأوراش من قبل الحكومة لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، وتقوية دور الطبقة الوسطى التوازني المجتمعي، إلا أن هذه الحكومة والبرلمان لم يلتقطا الأهداف المعلنة لهذا الورش في تسريع مشروع النموذج التنموي، نتيجة تباين أولويات توجهات الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني التي فرضت نفسها في تحقيق التوافق على أولويات النموذج التنموي المطلوبة .. وعوض أن يكون الجهد في بلورته عبر التوافقات التي تضع مصالح الوطن والمواطنين فوق المصالح الحزبية الضيقة والمصالح الانتخابية، وجدت الأطراف الحكومية المعنية بصياغة النموذج التنموي نفسها عاجزة على ذلك، مما استوجبت ما عبر عنه جلالة الملك في خطابه حول هذا النموذج التنموي، الذي سيوفر بعد إقراره من اللجنة التي طلب صاحب الجلالة من الحكومة تشكيلها، والتي تسمح بالإنجاز كما حدث في بقية الأوراش الكبرى الأخرى التي أشرف عليها جلالة الملك.

إن الحكومة في عجزها على التوافق على النموذج التنموي الذي يمكن أن يحظى بموافقة المغاربة، وأن يعرف طريقه إلى التنفيذ خلال هذه الفترة التي تفصلنا عن الاستحقاق التشريعي لعام 2021، يعود إلى غياب الانسجام والتفاعل في برامج الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي، التي يسعى كل حزب فيها إلى إبراز قوة برنامجه على حساب بقية البرامج الأخرى، وإلى هيمنة الروح التنافسية الاستئصالية التي لا يمكن أن توظف في برنامج حكومي موحد لصعوبة تجاوز هذه الأحزاب للروح الحزبية الضيقة، والهيمنة التي يعتمد فيها كل حزب بما فيه الذي يقود التحالف الحكومي الحالي، الذي يريد فرض برنامجه على الآخرين، وهذا ما انعكس على عمل الأطراف التي شكلتها الحكومة لصياغة النموذج التنموي الذي يظل تحديا في وجه الحكومة التي لا تستطيع تجاوز المعوقات التي تحول دون صياغته حتى الآن.

لن نغلق في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، باب الحوار حول هذا الموضوع، وننتظر من أطراف الأغلبية الحكومية الإفصاح عن أسباب فشلها في صياغة النموذج التنموي الذي أكد عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة وطنية .. ونظن أن شروط المرحلة الراهنة لم تعد تسمح بالتسويف ولغة الوعود التي لا يمكن ترجمتها على أرض الواقع .. وإلى حين حصول الوعي بالمسؤولية في الفشل واحترام وجهات النظر والانتقادات حول العمل الحكومي الراهن، نتمنى من أقطاب التحالف الحكومي استخلاص الدروس من الخطاب الملكي في عيد العرش الأخير التشخيصي والنقدي والاقتراحي، ولو لما تبقى من هذه الولاية التشريعية التي تعرف أطراف الأغلبية الحكومية جسامة المسؤولية التي تتحملها في كل القرارات الكارثية التي واجه المغاربة تبعاتها في جميع المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق