أخبارمنبر حر

المحامي صابر يقطر الشمع على آل كريم و يكتب .. رجل كريم و سياسة فاسدة مسمومة

مراسلة – سليم ناجي

رجل واحد في أسفي، يحتكر كل المدينة سياسيا، وإداريا، واقتصاديا .. إنما يشهد له الرعاة بكرمه الزائد، بل ولا أحد منهم ينكر أنه كريم من أب كريم، من جد كريم، والحمد للـه، إن شجرة كرمهم المثمرة، كما تجدرت في الأصول .. تفرعت في الحواشي و الفروع، حتى غطت المدينة بثمار كرمها، التي تسّاقط على كل الأرائك الوثيرة، رطبا جنيا، لتكبر وتنمو، فتصبح شجرة كرم أينع من سابقاتها .. ما أروع أن يكون المرء من عائلة الرجل الكريم في أسفي

فقد يحصد الأخضر واليابس، بالسيطرة على كل المعابر والمداخل المعطاءة، ويتعاظم جانبه، باحتلال كل المراكز والمناصب الحساسة، بل ويصير بمجرد النطق باسمه الرنان، شخصا أكبر حجما حتى من نفسه. وبإمكانه أن يتخطى كل الحواجز والسدود، وكل العوائق المحتملة، ليقضي أغراضه بسلاسة وباحترام تام

فمن يقدر حقيقة على إغضاب الرجل الكريم، إلا من كان جاهلا بمن يكون .. فأياديه الأخطبوطية المسمومة، تطال كل شيء يتنفس في المدينة، من كبير وصغير .. وإذا أشرقت شمسه في أي ركن من أركان المدينة، انكسفت الأنجم كلها، لأن كرم شمسه، ليس ككرم الأقمار من حوله

العجيب في سلالة الكرماء، الذين لا يشق لهم غبار في السياسة، والإدارة، والتجارة، وكل شيء .. إنهم تعلموا الحكمة والطب والقانون، قبل ذلك .. لكنهم، برعوا في تدبير الشأن السياسي على نحو خاص، لما وجدوا فيه العفة التي تشترى  بأبخس ثمن، والنبل الذي يعطى بأقل جهد .. واكتشفوا فيه سر التحكم في رقاب الناس ومصائرهم، بمجرد إشارة بالبنان .. والأهم من كل هذا، وفرت لهم سياساتهم الفاسدة المسمومة، الوسيلة والغاية، لتحقيق سائر الأحلام المستحيلة، من أوسع الأبواب و أقصر الطرق.

فهذه المدينة القديمة الجديدة، لن يدخلها مصلح ماداموا فيها، لأن أهل الكرم، بتاريخهم المجيد، وحاضرهم التليد، يكرهون من ينافسهم في الكرم، الذي هو أصل فيهم، ورثه الأبناء والأحفاد عن الأجداد .. وبالتالي، يصنعون العراقيل والمطبات، ليقع كل دخيل غير مرغوب فيه، في شر حبه للمدينة البائسة، وفي وبال نظرته الطموحة لتغيير معالمها الذابلة

إذا كان كل هؤلاء الاخوة الأكارم، قد رضعوا السياسة في حليب أمهاتهم، حتى برعوا فيها، فواحد من بينهم، ادعى أنه عبد اللـه الكريم، بل الأكرم من كل هؤلاء جميعا .. وإنه سيد المدينة وخادمها بلا منازع، وإنه الأكثر حنكة سياسية من كل هؤلاء.

الصاعد برغبته، والنازل بنكايته .. بالأمس القريب، كان في أمس الحاجة لتحالف المصلحين من حوله، فتواضع وتصاغر، وقبل الرؤوس و الأحذية، ثم ارتعد وارتعب بعد أن تعرض لأبشع طرق الابتزاز ولي الأدرع من أقرب حلفائه وعلى رأسهم من صار له اليوم عبدا، إلى أن أتاه المخاض في اليوم المشهود، وما أن انتهت اللعبة، حتى انقلب على عقبيه مئة وثمانون درجة، ونسي يوم التحالف الكبير الذي أبقاه سيدا على المدينة

هكذا ظلت المدينة على حالها الكئيب منذ عقود وأحقاب .. يتغير الجميع، ويرحل الكثير، ويبقى أهل الكرم الذين عمروها واستعمروها، كالطود الشامخ، بين دروبها وشوارعها، يصولون ويجولون إلى الأبد، دون أن تكون لأحد القدرة على الوقوف ضدهم أو الجرأة على الصراخ في وجوههم .. فهؤلاء لهم أذرع قوية تحميهم وتسندهم، وحولهم بطون جائعة تتذكر كرمهم، بينما الآخرون، مجرد فضوليين أنذال، جاؤوا من كل حذب وصوب، بذريعة الإصلاح، وأي إصلاح أفضل من إصلاح أهل الكرم، لن نصدق شعاراتكم الفارغة، مادام أهل الكرم منا وفينا .. فموتوا بغيظكم أيها المصلحون الجدد .. انتم لستم مصلحون، بل انتم ملحدون

.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق