أخبارمنبر حر

خديجة أسد .. كنزة الأوربية بلمسة صديقيه

بقلم : عبد المجيد فنيش

 خديجة أسد .. انطلقت غاية في الشموخ، ورحلت غاية في البهاء، هكذا كانت مسيرتها الفنية بين علامتين، يسميها آخرون صيحتين: الأولى يصيح فيها المولود  في وجه أهله حين الخروج  من الرحم، وأما الثانية فيصيح  فيها الأهل في وجه هذا المولود حين تفيض روحه بعد عمر كان كتابا مؤجلا

دوما وإلى غاية اللحظة، ستبقى صورة خديجة أسد أمام عيني وفي عمق الذاكرة، وهي تقف في  عنفوان عنفوانها الباذخ، في مشهد ماتع من الخالدة مسرحية * مولاي إدريس * التي صاغها الأديب الشاعر احمد عبد السلام البقالي، و نحتها على الركح  العميد العمدة الطيب الصديقي

كان هذا، على خشبة سينما الأمبير في فاس، شهر مارس سنة 1964, وقد  وضع  الصديقي ثقته في خديجة أسد لتشخص دور كنزة بنت عبد الحميد الأوربي أمير قبيلة* أوربة  * التي بايعت المولى إدريس الأكبر، وتم  ساعتها زواجه مع *كنزة * لتكون والدة لباني  مدينة *فاس * ، *المولى إدريس الأزهر *

في هذا العمل التاريخي الذي أبدعه الصديقي بلمسة تجريبية مبهرة، وقفت خديجة بكل رونق أمام مشخص دور المولى إدريس الأكبر، الفنان الأيقونة هلال عبد اللطيف، رحمه اللـه 

وأسكن أرواح خديجة والبقالي والصديقي جنة الفردوس، جزاء لهم على حسن الصنيع في تقديم لحظة فارقة من تاريخ الأمة، بكل علو مراتب الصنعة الإبداعية التي امتزجت فيها- بتركيب سحري- الوثيقة التاريخية الجامدة، و المشهدية الفرجوية المتدفقة

هكذا، وبكل الإيجاز كانت البداية الكاملة المتكاملة لخديجة التي توفقت ونجحت في أن تجمع بين حسن البداية وحسن الخاتمة

 وهاهي خديجة أسد  تحط الرحال في دار البقاء،  بعد أن شكلت  على مدى نصف قرن أحد أقوي وأبهى ثنائي درامي  مغربي في رفقة حبها عشقها زوجها، الفقيد سعد اللـه عزيز تغمده اللـه بواسع الرحمة

ترحل خديجة، و قد تركت للناس خزانة درامية متنوعة غنية بكل جيد وماتع، تفاعل معه بكل إعجاب و استحسان  جيلان من مختلف الأذواق

كم كانت قد ملأت الدنيا حيوية وبهجة، و كم كانت حريصة على أن تتحمل ثقل الألم دون أن تزعج أحدا

 والآن، وقد قالت خديجة كلمتها وانصرفت، سيقول الناس-كل الناس- ، آه ثم آه كم كانت خفيفة الظل في حضورها وفي لحظة غيابها

 الرحمة على روحك أيتها الجميلة .

عبد المجيد فنيش

الخميس 26 يناير 2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق