أخبارمتفرقات

إعجاب وانبهار .. توصيف ومناشدة

مراسلة – ذ. توفيق عمور

مدينة فجيج الجميلة، الصامدة والمرابطة

احتفالية واحة فجيج التي نظمتها النقابة المهنية المغربية لمبدعي الأغنية خلال الأسبوع الماضي ، كانت بكل  فخر واعتزاز بالنسبة لي على الأقل، وعلاوة على بعض زملائي بالمكتب التنفيذي لنقابتنا وبعض من مرافقينا، فرصة وطئت فيها أقدامنا أرض هذه المدينة الجميلة الطيبة، البكِر والعذراء، والتي سُمّيت نسبة إلى الكلمة الأمازيغية فجيج، والتي  تدل على روعة المكان وعلى جماله .. وهذا معروف لدى جميع الساكنة لهذه المنطقة

هذه المدينة التي لا زالت تحتفظ بكثير من  مقوماتها الطبيعية العذراء ومعمارها التاريخي، الذي يتمثل في قصورها ومبانيها وأسوارها الضاربة جذورها في عمق التاريخ، والتي تستحق منا كمواطنين أولا، وكمجتمع مدني، وكمنتخبين، وكمسؤولين محليين وكسلطة مركزية  ( الثقافة والسياحة والداخلية والصحة  الخ … )، كبير الاهتمام والعناية على كل المستويات

وأنت تتجول في الأزقة الضيقة لهذه المدينة العتيقة وداخل أسوار قصورها السبع، ( تعتبر منطقة فجيج من المناطق الواحية التي عرفت الاستقرار منذ ما قبل الميلاد)، تنتابك  لحظات يُخيل لك فيها وكأنك تتجول في أزقة مدينة فاس .. خصوصا، إذا علمنا أن بعض المصادر التاريخية تؤكد بأن للهجرات التي كان لها تأثير قوي في تاريخ المنطقة هي هجرة الشرفاء الأدارسة في القرن الرابع الهجري (10م)، ويعرفون بالوداغير ( نسبة لعائلة الودغيريين الفاسية )، الذين نزحوا إلى المنطقة بقيادة عيسى بن عبد الرحمان الشريف الإدريسي قادمين إليها من فاس، فاستقروا على منابع العيون ومجاري المياه وشيدوا القصور والمداشر واهتموا بالزراعة ونشر الثقافة، وتأسيس زوايا العلم والصلاح، إضافة طبعا إلى أهالي من قبائل أخرى تاريخية وعتيدة بنوا قصورهم الشامخة بها، ك. قصر المعيز، وقصر أولاد سليمان، وقصر الحمّام الفوقاني ( آيت عامر)، وقصر الحمّام التحتاني ( آيت ودا )، وقصر العبيدات (آيت النج)، وقصر زناكة

بينما يبقى الفارق بين الأزقة هذه القصور وأزقة مدينة فاس هو نقاوة ونظافة هذه الأزقة وخلوها من البشر والساكنة، حيث تمر عليك أكثر من عشرين دقيقة لتصادف امرأة ب ” الحايك ” أو طفل بحقيبته المدرسية أو شابة على دراجتها الهوائية، أو رجل يجلس على إحدى جنبات هذه الأزقة

هي مدينة صغيرة، وضعيفة الكثافة السكانية، أهلها ظلوا متشبثين بنمط عيشهم التقليدي والمحلي، وبأخلاقهم العالية ونفوسهم القنوعة .. فلا تجد بينهم من يستعطي أو يستجدي، ولا تجد منهم من يمتهن التسول أو يعمل كحارس للسيارات (أصحاب الجيليات الصفر)، كما أنك كلما صادفت أحد سكانها في الطريق إلا وبادر بإلقاء التحية والسلام، إما بالجهر بها إن كنت قريبا منه أو بإشارة اليد إن كنتَ بعيدا أو راكبا

تتوفر فجيج على مؤهلات سياحية جد هامة، تتمثل في واحاتها المتفردة في جمالها وشساعتها، وقصورها السبع، التي تشكل المكون التاريخي لعمرانها الضارب في جذور التاريخ، وبالنظر لأهميته وقيمته التراثية الهندسية الفريدة٬ تم إدراج موقع وقصور الواحة في عداد الآثار، حيث تم إدراجها ضمن اللائحة الإشهادية لليونيسكو في ماي 2011

ومن هذا المنبر، وكفاعل مدني، أناشد أولا المسؤولين محليا وإقليميا وجهويا ومركزيا، وعلى مختلف مسؤولياتهم، للعمل على الاهتمام بهذه المدينة وساكنتها، وجعلها واجهة سياحية لإنعاش اقتصادها وتنمية ظروف العيش بها، كما أدعو الفعاليات المدنية للمساعدة في هذا الشأن، كما أدعو أعيانها وأثريائها المتواجدين بها أو المهاجرين في مدن أخرى أو خارج الوطن لمد الأيادي من أجل تنمية هذه المدينة وإنعاشها معيشيا وسياحيا وصحيا واقتصاديا .. لكن، هذا طبعا، دونـما المساس بطبيعتها وجماليتها وخصوصياتها  .. فترميم القصور والأسوار لا يكفي، بل يجب العمل على  توفير شروط العيش الكريم للساكنة (بالتعليم والصحة والمقومات السياحية والمشاريع التي توفر العمل لهم، حتى تتوقف موجة الرحيل والهجرة من هذه المدينة المحتاجة بشكل كبير لأهلها وساكنتها من أولاد البلد تحديدا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق