أخبارملفات و قضايا

حكومة أخنوش بين تحديات الإكراهات الاقتصادية وأولويات النموذج التنموي

يمكن مع حكومة أخنوش الاطمئنان إلى أن المغاربة المهتمين بالشأن التنموي والاقتصادي سيتجاوزون حكومة تعهدت بتحديث النسبة الإنتاجية والتشغيلية والتسويقية، وبالتخلي عن مبدأ سوف نفعل سننجز عبر الاعتماد على المعطيات المالية والقانونية المتاحة، كما عبر عن ذلك أخنوش في تقديم التصريح الحكومي، الذي ينتظر ترجمة أهدافه في القانون المالي لسنة 2022، الذي رسم صورة رومنسية جذابة عن ما يمكن أن تفعله الحكومة مع بداية ولايتها بعيدا عن ما كانت تقوله حكومتا حزب العدالة والتنمية من خلال الرهان عن سيولة القروض من المؤسسات المالية الدولية، التي صرفت على النفقات الحكومية الإلزامية فقط، بدل صرف ما رصد للتجهيز خلالها، والذي اعتمدته طيلة عشريتها على عهدي بن كيران والعثماني، اللذين وجدا نفسيهما بين المطرقة والسندان

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نسائل أخنوش عن الموارد المالية التي سيعتمد عليها في تنفيذ برنامجه الانتخابي وإنجاز النموذج التنموي .. فكيف يمكنه أن يفسر توجهات الميزانية السنوية الموجهة حتى الآن لتحقيق التوازنات الماكرواقتصادية، التي ننتظر من لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية ترجمة توجهاتها للبرنامج الانتخابي للتحالف الحكومي الجديد، حيث تظهر الأرقام الحالية إكراهات اقتصادية موضوعية، حيث تعتمد الموارد المالية السنوية على 47 % من عائدات اليد العاملة المهاجرة، وعلى 17 % صادرات فلاحية، و 16 % صادرات صناعية و معدنية، وعلى 64 % من الميزانية لأداء نفقات الديون، وعلى رفض وتأخر أكثر من 100 ألف مقاولة عن أداء واجباتها الضريبية، التي تفوق 80 مليار درهم، إن لم يكن مضطرا إلى تقنية الموارد الضريبية من جيوب فقراء الوطن، الذي تبنته جميع الحكومات، خاصة في عهد “البيجيدي”

بالفعل، حكومة أخنوش المؤطرة من أعضاء لجنة النموذج التنموي معنية بترجمته على امتداد العشرية التي نظمتها في عهد هذه الحكومة والحكومة التي ستتولى بقية عمرها وستكون مضطرة إلى تعبئة الموارد المالية والبشرية والقانونية، التي يتطلبها هذا النموذج التنموي .. ولن نشكك في روح مواطنتها، وستكون مجبرة على عرض جميع الخطوات والبرامج التي تقترحها لتوفير ميزانية النموذج التنموي .. ولن يعفيها الرأي العام على جوانب القصور والخطأ، التي ستقع فيها طيلة أجندة هذا النموذج التنموي، الذي اشتغلت اللجنة التي يرأسها شكيب بن موسى، وزير التربية الوطنية في حكومة عزيز أخنوش، مما يعني أن أولوية النموذج التنموي تشكل التحدي الثاني، الذي يجب الاستعداد له من الناحية من خلال التزام ومشاركة أصحاب الثروة في اقتصاد المغرب، الذين لا يزالون يراكمون أرباحهم على حساب الوطن وفقرائه، الذين لم تعد جيوبهم قادرة على المساهمة في المجهود الضريبي اليوم

لسنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة متشائمين في توقعات تحليلنا الاقتصادي السياسي للتحولات الجديدة، التي نتمنى أن ينجح فيها أخنوش من خلال نجاحه كرجل أعمال مع الفريق الذي يشاركه في التدبير الحكومي، الذي ينتمي معظمه إلى الطبقة التي كونت ثروات بأكثر من وسيلة ومصدر، والتي لا يزال جلها مهيمنا على المشهد السياسي والانتخابي لحماية نفوذه الطبقي، وهيمنته على الاقتصاد الوطني، الذي حولوه إلى بقرة حلوب للنهب والكسب الغير المشروع منذ تحريره في السبعينات من القرن 20 .. والأمل معقود على امتلاك الغيرة الإيجابية على الوطن، وليس الغيرة الربحية التي توجه سلوك هؤلاء الذين انتفخت بطونهم بما هو حق لغيرهم من صغار الفلاحين والعمال والموظفين وصغار التجار والعاطلين، الذين يترقبون الانتفاضة من أخنوش لإصلاح أوضاع الوطن، وتجاوز هذه الكبوة الاقتصادية التي يتطلع الجميع إلى تجاوزها على المدى القريب

إن تحدي الإكراهات والنموذج التنموي يعبران عن مرحلة مغايرة لمسار التنمية والديمقراطية والحكامة في الوطن .. وإن نجحت حكومة أخنوش في مواجهة متطلباتها يمنح المواطنين الإيمان بما عبرت عنه هذه الحكومة في تصريحها المقدم للبرلمان للمصادقة عليه، ومد من يتابعها إعلاميا من امتلاك أدوات الدفاع عنها وتبرير الأخطاء التي ترتكبها والمعول على الكفاءات العلمية والتقنية والسياسية في الحكومة الجديدة، التي يجب أن تعتبر نفسها في معركة وليس في نزهة للإشراف ومتابعة التدبير الحكومي الخاضع لهذه التحديات الاقتصادية وللنموذج التنموي من جهة أخرى

لن تجد حكومة أخنوش من يؤيدها على هذه السياسات التدبيرية الفاشلة، التي اتضحت معالمها مع أزمة غلاء أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية، التي تتفاقم تداعياتها السلبية عل اقتصاد الدولة والقدرة الشرائية لعموم المواطنين .. وخصوصا، الفقراء الذين يقل دخلهم عن المستوى الذي يؤهلهم لمواجهة الزيادات المستمرة في أسعار جميع المواد الاستهلاكية، التي تحاول الحكومة اليوم تبريرها بنتائج كارثة كوفيد 19 والحرب الأوكرانية الروسية، وغلاء المحروقات وتكاليف النقل البحري، دون أن تقترح ما يناسبها من إجراءات للحد من تداعياتها الكارثية .. وبذلك، تكون الحكومة مجبرة على الارتقاء بتغييراتها التنموية حتى تكون على مواعيد برامج النموذج التنموي ومتطلبات مواجهة الأزمة الحالية التي تتزايد مساوئها كل يوم

لن نغلق في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، باب الحوار مع الحكومة وكافة المتدخلين معها في تدبير الشأن العام، وسنكون أكثر انفتاحا على ما ستبرره في هذا الحوار المجتمعي، الذي نتمنى أن يكون موضوعيا وخلاقا و أكثر مرونة وتحملا للرأي الآخر في إطار الضوابط والقواعد الدستورية والتنظيمية ذات الصلة، وتوسيع الحوار المجتمعي حول النموذج التنموي أثناء إنجاز برامجه تحسبا وتجاوزا لما يمكن أن يقع من أخطاء، وتوفير الدعم الشعبي لإتمام مراحله من ردود فعل خصوم التغيير والتنمية والديمقراطية، الذين سيتحركون كلما شعروا بأن الأمور ستنفلت من أيديهم خلال ترجمة أهداف هذا النموذج التنموي      

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق