
بمناسبة اليوم الوطني للمسرح
*بقلم: سعيد ودغيري حسني
مقدمة
في مثل هذا اليوم الرابع عشر من مايو نحتفل باليوم الوطني للمسرح في المغرب، يومٌ مخصص لتكريم أولئك الذين جعلوا من الخشبة فضاءً للإبداع، ومن النصوص مسارًا للوعي والتغيير .. يومٌ يعيد إلى الذاكرة كل اللحظات التي مرّ فيها المسرح من أوج عطائه إلى تحدياته المستمرة، كما يذكرنا بقيمة الفن الرابع في تشكيل الوجدان الجمعي، وإيصال رسائل الإنسانية عبر الأجيال
إن المسرح ليس مجرد فن،ٍ بل هو مرآة لمجتمعاتنا وقوة كامنة لتحريك السكون وخلق الجسور بين الأفراد والمجتمع، واليوم ونحن نحتفل بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا نوجه تحية صادقة لجميع من حملوا راية المسرح على مر السنين، ونسعى جاهدين لتقدير تضحياتهم ودورهم الكبير في إثراء الثقافة والفن في بلادنا
في حضرة المسرح
يسقط الصمت واقفًا
وتنحني الكلمات احترامًا
لأوفياء الركح
لمن عانقوا الضوء
واغتسلوا بالنصوص
ومضوا في الظل صامتين
يحملون وجع الناس
ويقدّمونه على الخشبة
كأنهم أنبياء اللحظة
وشهداء الجمال
يا من صعدتم الخشبة بلا ضمان
وبحثتم عن الخلود في عيون المتفرجين
ولم يكن لكم من أجر
سوى تصفيق عابر
وأمل لا يُطفأ
أكرمكم الله جميعًا
لأنكم استحقّتم المجد
بدمعكم
بصبركم
بصوتكم المتعب
وخطاكم المثقلة بالأسئلة
أنتم مرابطو الخشبة
أنتم مناضلو الظل
أنتم عشاق لا يبدّلهم الزمان
ولا تثنيهم الخيبات
عن حبّ هذا الأب العظيم
“أبو الفنون”
الذي احتضنكم
حتى عندما تنكّرت لكم الأبواب
رحمة الله
على من غادروا الركح
بصمت يليق بالأساطير
من حملوا النصوص كأكفان
وغابوا بلا وداع
رحم الله من رحلوا
وفي قلوبهم مشهد لم يُمثّل
ودور لم يُمنح
وستارة لم تُغلق
ولكم أنتم
الباقون كقناديل في العتمة
لا أقول أتمنى
بل أدعو
أن يثبت الله حبّكم لهذا الفن
أن يمدّكم بالصبر الجميل
أن يحمي قلوبكم من الانكسار
وأن يفتح أمامكم دروب الإبداع
رغم سدود البيروقراطية
وإلى من بيدهم القرار
اقرأوا وجوه هؤلاء
فيها كل السياسات المهملة
وفي أعينهم
برامج لم تُكتب
ورؤى لم تُسمع
ضعوا استراتيجيات تحفظ كرامة الفنان
ترفعه لا تُذلّه
تدعمّه لا تهمّشه
فنحن في زمن تتغيّر فيه العوالم
وتبقى الكلمة الحرة
والنص العميق
والركح الشريف
هو الجدار الأخير ضد التفاهة
زبدة القول
أنتم لستم هواة
أنتم حراس الحلم
وصناع الوعي
وأنتم الوطن حين يُنسى الوطن
أنتم خشبة القلب
ونبضه العالي
ولا مسرح يبقى بلاكم
فكل عام وأنتم على الخشبة
وكل لحظة أنتم الكلمة
وكل نص لا يحيى إلا بكم
*كاتب مسرحي وشاعر غنائي