أخبارملفات و قضايا

المطر الذي يمزق أحشاء البائس ..!

 

 

كيف يسقط المطر على قوم، الأقوى فيه يمزق أحشاء البئيس ولا من مناصر حتى ولو كان مسؤولا ..؟

في عالم لا تخلو فيه المجتمعات من تقلبات وظروف قاسية، تتساقط الأزمات كالمطر على الفقراء والمهمشين، فتزداد قسوة الحياة عليهم، بينما تمضي قوى السلطة والمال في استئثارها بالنفوذ والموارد

تلك الأمطار ليست رحيمة، بل تمزق أحشاء البئيس، أي تدمر أحلامهم وكرامتهم بشكل لا يرحم، وسط غياب واضح لكل مناصرة أو وقوف إلى جانبهم، حتى من قبل المسؤولين الذين يفترض أن يكونوا سلطة العدالة والدعم

واقع الظلم الاجتماعي والاقتصادي يتجلى في تباين صارخ بين طبقات المجتمع، حيث تعيش شريحة واسعة في فقر مدقع، في مساكن هزيلة، محرومة من أبسط حقوقها في المأكل والملبس والمسكن والصحة والتعليم

في مقابل ذلك، تتكدس الثروات والممتلكات في أيدي قلة من الأقوياء الذين يستخدمون كل طاقاتهم ووسائلهم لتمزيق فرص وأحلام الفقراء، إما مباشرة بالقهر أو عبر استغلالهم في ظروف استعباد تفتقر لأبسط دعائم العدل

من العار أن تنعدم في بعض المجتمعات القنوات التي تنصف المظلوم، فتصبح المسؤوليات الرسمية مجرد شعارات لا ترجمتها على أرض الواقع، فينتشر الإحباط والخذلان في صفوف البائسين بلا مناصر، فتتمزق أحشاءهم دون رحمة

إلى جانب الظلم الاقتصادي، تتجذر مظاهر الانعزال الاجتماعي، حيث تغيب روابط الأخوة والتكافل، ويتحول من يفترض أن يكون سندا إلى خصم أو متجاهل ..  مثل هذه الانقسامات تزيد من ضعف الجماعات المهمشة، فيغيب الدعم الاجتماعي كأحد ملاذاتهم في مواجهة العواصف

المسؤولية تجاه المظلومين تقع على عاتق المسؤولين والمجتمع المدني، وهي مهمة توفير الحماية والدعم لفئات الضعفاء .. لكن، الواقع المرير أن التقاعس أو الفساد أو انعدام الإرادة الحقيقية هي التي تترك البائس وحده أمام جحيم الحياة، فيزداد تمزقه الداخلي والقهر النفسي

لا معنى لهذا الكيان الاجتماعي إذا غابت العدالة وتراجعت مضامين الرحمة .. لهذا، يجب أن تتوقف هذه الأمطار المفجعة وأن يتحول المطر إلى رمز للخير والعيش الكريم من أجل بناء مؤسسات تنصف المظلوم، وتعاقب الظالم، وتعزز قيم التراحم والمساواة

العدالة لا تتحقق إلا بوجود إرادة سياسية حقيقية تدرك أن سقوط المطر بدموع البائس هو فقدان للإنسانية قبل أن يكون أزمة اجتماعية

في النهاية، إن تمزيق أحشاء البائس من قبل الأقوى وسط غياب المناصرين ليس مصيرا حتميا لأي أمة ترغب في بناء حاضر ومستقبل مشرق، بل هو حالة مرضية يجب معالجتها بحسم ووعي جماعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق