للمستقلة رأي

عن قتل الصحافة والمشي في جنازتها .. !

ما أقبح أن يدعي المرء ما لا يستطيع القيام به لصالح فرد أو جماعة أو فئة، كما عاشه الذين حضروا لقاء طنجة لاتحاد الصحافيين العرب، حيث رفع هؤلاء الدعاة الذين يصنفون أنفسهم من أمة الصحافيين والإعلاميين أصواتهم المبحوحة ضد من يقتلون الصحافيين ويطاردون حرية الرأي، ويحاكمون الصحافيين على قناعاتهم وتحليلاتهم، دون أن يستحضروا أنهم المكرسون لهؤلاء الذين يقتلون الصحافة ويمشون في جنازتها في أكثر من دولة في العالم، ولهؤلاء وغيرهم من الذين يخافون من الصحافة والإعلام، نقول ومن موقع النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن ما يقومون به لتجميل الصورة لم يعد صالحا لإخفاء الأخطاء والتجاوزات، التي يتعرض لها الصحافيون والإعلاميون، وأن جميع الأقنعة سقطت، بما فيها تحرير الخطاب للدفاع عن حرية الصحافة ودور الصحافيين العرب في المشكلات الكبرى، التي توارثه الوطن العربي كقضية الإرهاب، مع أن القضية ليست في الجنس العربي، بل في الذين يوظفون الإسلاموفوبيا لتنفيذ الأجندة الاستعمارية الغربية، وتمكن هؤلاء الإسلاموفوبيين من إخضاع المسلمين للمشروع الهيمني الجديد، وإضفاء الشرعية في وجود الكيان الصهيوني في إطار الواقع السياسي الذي تقوده أحزاب الإسلام السياسي، التي فرخها الإخوان المسلمون في المنطقة، وصولا إلى احتواء الإرهاب المهدد للمصالح الغربية، وليس العرب فوبيا، كما يتحدث عن ذلك وزير الاتصال، هؤلاء الذين يمثلون ضحايا الإسلاموفبيا الذي لا يعترف دعاته ونشطاؤه بالانتماء العربي رغم تأكيد القرآن الكريم على عروبة الإسلام ودور العرب في انتشاره وإشعاعه.
بالنسبة لممثل النقابة الوطنية للصحافة المغربية، كما جاء في تغطية الزميل “المساء” في عدد يوم الخميس 12 فبراير 2015، فقد دعا صاحبنا إلى القيود المكبلة للصحافة العربية التي شخصها في القيود القانونية والإدارية والمالية، مع أن نقابته كرست هذه القيود في مشروع مدونة الصحافة والنشر، من خلال مشاركتها إلى جانب فدرالية الناشرين في هذه المذبحة الحية والمباشرة، التي ستعرض على البرلمان للمصادقة عليها، وتأكيده إلى أن ذلك يحد من حرية العمل الصحافي، حيث يجسد بالفعل عنوان هذه المقالة من خلال مشاركته في ذبح الصحافة والحضور لمراسيم جنازتها، وهذا ما يعبر عن الإفلاس الذي وصل إليه مشهدنا الصحافي والإعلامي والنقابي في المغرب، والذي لا يتأخر هؤلاء في الإعلان عن هذه المواقف التي تدينهم والتي يعتقدون أن أمة الصحافيين والإعلاميين على غير علم بها، وبالسياقات التي توظف فيها، وأن الصورة أصبحت أكثر وضوحا بالنسبة لهؤلاء الذين يدعون الدفاع عن مطالب ومصالح الفاعلين في المغرب، وأن مواقعهم في المسؤولية تقتضي منهم عدم الإمعان في هذه الرؤيا التبريرية الدعائية المفضوحة، التي لا يمكن أن تحجب الحقائق المرة عن واقع حرية العمل النقابي والصحافي، سواء في المغرب أو غيره من دول الوطن العربي والإسلامي، وهذا ما كان مفروضا الحديث عنه في هذا اللقاء “لاتحاد الصحافيين العرب” في أفق معالجة جميع القضايا العالقة في المشهد الصحافي العربي، بدل الهروب إلى الأمام وتجميل الأخطاء والإكراهات الملموسة.
حتى ننهي تفاصيل هذا العرض الاستثنائي لإبطال مهزلة مشروع مدونة الصحافة والنشر، نقول ومن موقعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن عمر الكذب ومحاولة تجميل السلوكات والأخطاء لم يعد ممكنا في ظل سرعة التواصل الإعلامي، الذي أصبح يتفوق على من يريدون استغلاله في تضليل الرأي العام، وإثبات الشرعية المفقودة على امتداد زمن الوصاية الثنائية الممارسة على الإعلاميين والصحافيين في المغرب، من قبل الوزارة وشركائها، النقابة الوطنية للصحافة المغربية وفدرالية الناشرين، الذين لا يمثلون أغلبية الفاعلين في المشهد النقابي والإعلامي والصحافي الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق