ملفات و قضايا

حتى لا يكون البرلمان فضاء لنشر غسيل الأغلبية والمعارضة 1

عوض أن تكون الأغلبية أو المعارضة مدركة أنها في الشوط الأخير من عمر التجربة البرلمانية الحالية، التي تستلزم نفض الغبار وحشد الطاقات وإبراز محصلة التجربة أمام الرأي العام الوطني، فضل فريقا الأغلبية والمعارضة إقناع المواطنين بعدم الصلاحية والماركة الغير مسجلة، والعجز عن ممارسة المسؤولية في البرلمان عبر مهزلة الصياح والصفير والصراع وتبادل الاتهامات، وتحويل المشهد البرلماني إلى سرك للحيوانات السياسية الغير مروضة، هذا المشهد الذي يتداوله الناس في كل الاتجاهات، وهذا فصل من العرض الساخر الذي لا يزال نواب الأغلبية والمعارضة يصرون عليه، بدل الانتباه إلى وظائفهم البرلمانية، وتعتبر هذه الصورة النمطية السلبية عن برلماننا الحالي.
إذن، من طرائف مشهدنا السياسي البرلماني التي أصبحت موضوعا للسخرية والنكتة، ما عبر عنه رئيس الحكومة في مجلس المستشارين، من أن المغرب في حاجة إلى معارضة قوية، وأن المعارضة الحالية لا تملك مواصفات المعارضة القادرة على مواجهته ونقده ومساءلته .. وبالتالي، أن البرلمان الحالي القوي بأغلبيته يفتقر إلى المعارضة الكفيلة بدورها التشريعي والرقابي.
هل رأي الحكومة في شخص رئيسها، جاء بالصدفة أو نتيجة موقف انفعالي طارئ ..؟ أو محصلة وعي صحيح بما أصبحت عليه المعارضة التي تواجهه في غرفتي البرلمان ..؟ وهل بالفعل المعارضة القوية التي يتساءل عنها رئيس الحكومة لا وجود لها في واقع المعارضة الحالية، التي لا يوفر لها شروط المناخ الصحي الكفيل بإبراز مقومات دورها التشريعي والرقابي، كما يردد أقطاب هذه المعارضة في تدخلاتهم داخل اللجن وفي الجلسات العامة، حيث تحرص الأغلبية الحكومية على عدم تمكين المعارضة مما يؤهلها لترجمة وجودها الدستوري ..؟ فمن الناحية التشريعية، لا يزال الحصار مضروبا عليها فيما يتعلق بتقديم مقترحات القوانين والمصادقة عليها، وفي مجال الرقابة على الأداء الحكومي، لا يسمح لها باستعمال الآليات القانونية لمحاسبة الحكومة على ما ترتكبه من أخطاء، وهو ما تكشف عنه الجلسات العامة، سواء في طرح الأسئلة الشفوية أو أسئلة الإحاطة أو المداخلات بعد رئيس الحكومة في الجلسات الشهرية، حيث يتضح أن وثيرة مساهمة المعارضة لا ترقى إلى ما منحها الدستور من إمكانيات وصلاحيات، حيث لا تملك الحد الأدنى من مواصفات المعارضة التي يحتاج لها الوطن، وبماذا يمكن أن يتحقق وجود هذه المعارضة القادرة على مواجهة رئيس الحكومة وأغلبيته الجديدة / القديمة ..؟ .
إن واقع المعارضة البرلمانية بنخبها الحزبية والنقابية الحالية لا ترقى في ظل تشرذمها وتناقضاتها التنظيمية والمرجعية، الشيء الذي لا يؤهلها في أن تكون في مستوى نموذج المعارضة القوية، التي يتساءل عنها عبد الإله بن كيران .. فمكوناتها لا تحظى بثقة ودعم قواعد هذه الأحزاب والنقابات، وجلها حصل على التزكية الحزبية أو النقابية عبر القواعد والتدابير المعروفة والسيئة الذكر، وأبسطها القرب من سلطة القرار الحزبي ودرجة النفوذ المصلحي والطبقي، وأبسط المعوقات تتجلى في غياب وحدة الاختيار المذهبي والتوجه الإيديولوجي والبرنامج الانتخابي لتحقيق الوحدة فيما بينها، ولا في صياغة برنامج يعبر عن هذه الوحدة في مواجهة الأغلبية، ولو في الحد الأدنى من المطالب والبرامج، ناهيك عن غياب التنسيق بينها حول طبيعة المعارك التي يجب أن تبلور ذلك، سواء في الجلسات العامة أو في اجتماعات اللجن، إلى جانب غياب الصدق في هذه الوحدة بين أطراف هذه المعارضة المستحيلة بين خيارات يسارية ولبرالية ويمينية محافظة في قواعد هذه الأحزاب والنقابات التي تتشكل منها هذه المعارضة.
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نعرف استحالة تشكل معارضة قوية كالتي تحدث عن ضرورة تواجدها رئيس حكومتنا الذي كان على صواب، حينما واجه المستشارين بهذه الحقيقة، التي لا تحسد عليها أحزاب المعارضة والنقابات، التي تشاركها في نموذج المعارضة الحالية، التي لم تتمكن من تحسين صورتها أمام عموم المواطنين المغاربة، وبأداء متخلف يكشف عن عمق الدور السلبي للهيئات التي يتحدر منها هؤلاء البرلمانيين من الأغلبية والمعارضة.
لن نرضى لبرلمانيينا أن يكونوا موضوعا للسخرية من قبل المواطنين، وفي هذه الفترة القريبة من نهاية المدة القانونية، التي كان على نوابنا أن يبرزوا فيها ثمار التجربة على مستوى الحوار والأداء التشريعي والرقابي، وأن لا تتحول قناعة المواطن العادي إلى هذه الدرجة من الإدانة والتهكم على ضحالة وضعف البرلمان الحالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق