ملفات و قضايا

لا عليك ياوزير الاتصال .. النخبة العالمة لا زالت تغرد خارج الإجماع الوطني

أحسن وزير الاتصال المغربي في إجاباته على أسئلة منشط برنامج “مواطن اليوم” الذي تبثه قناة ميدي 1 تي في، حينما ذكر بقية المحاورين بالتدابير التي اتخذتها وزارته فيما يتعلق بقضية الوحدة الترابية، في حين وجه باقي المتدخلين النقد للسياسة الحكومية والتقصير الدبلوماسي الخارجي، وعدم الاستعانة بذوي المعرفة والخبرة، واتضح أن الوزير أكثر معرفة استباقية بما يحاك ضد الوطن، وأن المقاربة الملكية هي التي أقنعت مجلس الأمن بصواب الموقف الوطني، وهذا التباين بين موقف وزير الاتصال وبقية ضيوف البرنامج يكشف أن أطراف بعض النخبة أقل وعيا بتطورات ملف الوحدة الترابية .. طبعا صواب رأي السيد مصطفى الخلفي، ليس من موقع المهنة .. ولكن، من خلال القدرة على إقناع محاوريه بمصداقية التدابير والمجهودات المبذولة، التي حرص في إجاباته على عرض الجهود التي بذلتها وزارته ووزارة الخارجية للحيلولة دون تمكن خصوم الوطن من الالتفاف على القضية الوطنية في مجلس الأمن، وتشويه الحقائق المرتبطة بها لدى حلفاء المغرب في أوربا وإفريقيا وأمريكا، وهذا ما لم يبدو في مداخلات رؤساء مكاتب الدراسات والأبحاث الاستراتيجية، الذين فضل بعضهم التغريد خارج الإجماع الوطني، وما يقوم به المجتمع المدني والنقابات والأحزاب في هذا المجال، حيث لم يظهر في إجاباتهم ما يقنع المتابع لحلقة البرنامج أن النخبة العالمة في المجتمع تملك المعرفة الصحيحة بقضية الوحدة الترابية ومناورات الخصوم ضد الوطن، ولا بما يمكن لهذه النخبة أن تقوم به لصالح المغرب في هذه القضية الوطنية.
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي اختارت التخندق في القضية الوطنية، لإيمانها بما يجب أن يقدم لصالح الوطن، الذي لا يزال ورش تحرير أراضيه مفتوحا، لا تساوم في هذا الملف الذي يجب أن تكون فيه روح المواطنة هي الموجه لتحركاتنا أفرادا وجماعات ومؤسسات داخل الوطن .. وعلى أصحاب مكاتب الدراسات والأبحاث، إدراك خطورة ربط التعبير عن مواطنتهم بطلب رسمي، لأنهم ومكاتبهم جزء من هذا الوطن، ولن نحتاج إلى الإذن لتقديم التضحيات التي يتطلبها الحرص على استقلال المغرب، ومن العيب على ذوي المعرفة الأكاديمية تجاهل الانخراط التلقائي في أي عمل يخدم الوطن، اللهم إن كانوا غارقون حتى النخاع في الوعي المغلوط بمهام مكاتب الدراسات والأبحاث، التي لا تتحرك مجانا، كما هو متعارف عليه داخل المغرب وخارجه، وما نتمناه هو أن تلتقط النخبة الشفرة وتسارع إلى تصحيح سلوكها، وأن تتجنب المزيد من التغريد خارج السرب، وإن لم تكن قادرة على ذلك فالأفضل التزام الصمت والحياد، إذا كان ذلك سيريحها من مشاق المشاركة المواطنة والتلقائية في المجهود المبذول في قضية الوحدة الترابية، ويكفي أننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على علم بمن تتعامل معه هذه المكاتب، ومتى تتحرك، وهل مشاركتها تفي بالأهداف ..؟ ولن ننوب عن أي مواطن في اختيار لغة التعبير عن وطنيته، التي لا يحتاج إلى من ينبهه بها، إلا إذا اعتقدت هذه النخبة أن المغرب بدونها لا يعرف كيف يحارب خصومه.
ربما يعتقد اسليمي أنه على علم بكل خطوات قضية الوحدة الترابية ومخاطرها، وأنه يعرف ما يجب أن يكون عليه الموقف اتجاه جميع مناورات الخصوم التي لن تتوقف، لكن هذا لا يمنحه الحق في تبخيس مجهود الآخرين، وعدم النزول من برجه المعرفي للمساهمة في هذا المجهود، كما أن القضية ليست من مسؤولية الحكومة وحدها، وعلى الجميع أن ينخرط في ورشها بعيدا عن هذا السلوك المتعالي عن الآخرين، وفي هذا الإطار، نثمن عاليا موقف وتحليل أطلاتي حينما اعتبر المقاربة الملكية هي التي ساعدت على تبديد سحب الظلام أمام أعضاء مجلس الأمن ومكنتهم من القرار الأخير الذي يخدم الموقف المغربي.
بقي أن نشير من موقعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن النخبة مطالبة بالنزول من أبراجها والالتحام إلى جانب الفئات الاجتماعية، وتسخير معرفتها لتقوية الموقف الوطني، وعدم الاستخفاف بالآخرين من مواقفها التي تظل مطلوبة إذ حركتها المشاعر الوطنية الحقيقة ووجهها التواضع الإنساني، وهذا ما يجب أن يكون عليه المواطن المغربي في نهاية المطاف، مهما كان وضعه الاجتماعي ومستواه المعرفي وانتماؤه السياسي والأيدلوجي.
ختاما، نهمس في آذان أصحاب المعرفة والعلم في الوطن، أن الانخراط في المجهود الوطني في قضية الصحراء المغربية لا يتطلب هذا التغريد خارج الإجماع الوطني، وإن كانت لهم روح المواطنة كباقي المغاربة، فيجب أن يكونوا في المعركة بدل توجيه الانتقاد السلبي، أو الرهان على ما سيحصلون عليه مقابل قيامهم بواجبهم الوطني كبقية المغاربة، واعلم يا وزيرنا في الاتصال، أن الشعور بالمسؤولية الوطنية لا يحتاج إلى من يذكرنا به، فبالأحرى إن كنا من النخبة الجامعية الأكاديمية، التي يجب أن تكون في الطليعة في هذه المعركة من أجل قضية الوحدة الترابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق