جماعات و جهات

المغاربة وما ينتظرونه من الانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة .. !

لن نسبق الأحداث أو نضع العربة أمام الحصان، فالأمور بخواتمها كما يقولون، ومن يستعجل في مواقفه يكون في غالب الأحيان مخطئا في ذلك، وحتى لا نتهم بالتسرع في إصدار الأحكام والمواقف في مثل هذه القضايا التي لا يزال النقاش والتدافع حولها قائما سننتظر القرارات التي ستخرج عن البرلمان، حتى يتسنى لنا التعاطي مع الانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة على ضوئها، وإلى حين ذلك، لا بد من عرض ما يفكر فيه المغاربة اتجاه المؤسسات الجماعية والجهوية، التي ستأتي بعد إجراء الانتخابات المتعلقة بها، وفي هذا الإطار، لا مفر من عرض كل وجهات النظر حولها، كما يمكن ملامستها على أرض الواقع.
إن عموم المغاربة يدركون صعوبات العمل الجماعي، وما يواجهه المنتخبون الذين يؤمنون برسالته لصالح القاعدة التي تختارهم لذلك، وما ينقص هذا العمل الجماعي على المستوى القانوني والتنظيمي والتنموي حتى يؤدي وظائفه بأقل التكاليف الممكنة، وما يجب أن يتوفر للمؤسسة الجماعية أو الجهوية من إمكانيات ووسائل حتى تقوم بمهامها التأطيرية والتدبيرية والتنموية في الوحدات الترابية الجماعية التي توجد فيها .. وفي هذا الإطار، ترى أن هناك إجماع على ضرورة إقلاع جماعي وجهوي يمكن المواطنين من تلمس ثمار هذه المؤسسات الجماعية والجهوية، بدل واقعها الراهن الذي لم يرتق إلى طموحات المواطنين في كل الخدمات المسؤولة عنها محليا وجهويا.
هناك من المواطنين من يرى في التجربة الجماعية والجهوية أن تكون قادرة على ممارسة جميع اختصاصاتها، بعيدا عن كل أنواع الوصاية الإدارية والمالية التي لا زالت تخضع لها، والتي لا تنسجم حتى مع توجهات الدستور الجديد وأبسط تطلعات المغاربة في نضج ديمقراطية محلية حقيقية قادرة على تمكين النخب المحلية من المشاركة الفعالة في تدبير الشأن المحلي، الذي يترقبه الجميع على غرار النماذج المتطورة في دول الجوار الأوربي، التي ارتقت فيها التجربة الجماعية والجهوية إلى درجات متقدمة في كل جوانبها القانونية والتنظيمية والتنموية، ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن هذا الرهان الذي يؤمن به السواد الأعظم من المغاربة هو الذي يجب أن يترجم في الإطار القانوني المنظم للعمل الجماعي والجهوي، وفي الاختصاصات التي يجب أن يمارسها الفاعل الجماعي والجهوي في التجربة المقبلة من هذا النمط التدبيري الذي أصبح الوطن يمتلك فيه خبرة وتجربة غنية، تمتد إلى بداية الستينات من القرن الماضي، والتي يتطلع المغاربة إلى أن تكون أكثر رقيا وتطورا في المستقبل.
أيضا نسجل كنقابة مستقلة للصحافيين المغاربة، أن المجال الجماعي والجهوي يجب كما يؤكد ذلك الكثير من المهتمين والمتتبعين للتجربة أن يسمح بتحديد النخب المحلية في العملية الانتخابية عن طريق إصلاح القانون الانتخابي لهذه المؤسسات، ويسمح كذلك بتحديد المدة التي يمارس فيها الفاعل الجماعي والجهوي هذه المسؤولية، انسجاما مع مبدأ التداول على المسؤولية العامة، الذي أكد عليه الدستور الجديد حتى لا تظل المؤسسات الجماعية ضيعات خاصة لمن يحتكر فيها المسؤولية ويجرم باقي النخب المحلية منها، كما يرى هؤلاء ضرورة حصر الانتداب والتمثيل في الموقع الواحد الذي يسمح بتوسيع المشاركة في أداء هذا الواجب لبقية المواطنين، الذين يرغبون في ذلك، حتى لا يظل تعدد المسؤوليات بدون أي مردودية مهيمنا على نظامنا الجماعي والجهوي والبرلماني، ونعتقد أن الظرف مناسب لذلك من خلال ما ينص عليه الدستور، ومن خلال ما تعبر عنه القوى الحزبية والنقابية المعنية باستمرار، حتى تتمكن من اختيار ما تقوم به في هذا المجال على مستوى إعداد الأطر المؤهلة للقيام بهذه المسؤوليات لصالح الوطن والمواطنين.
من الموضوعات ذات الصلة التي يطرحها المواطنون حول الهم الجماعي والجهوي، أن تتم صياغة القانون التنظيمي للجماعات والجهات في الاتجاه الذي يعزز الديمقراطية المحلية ودور الفاعل الممارس في إغناء التجربة الجماعية والجهوية ويجعلها قاطرة حقيقية للتنمية المحلية، وأن لا يكون وجود المؤسسات الجهوية أدوات عرقلة للجماعات المحلية، وأن يتكامل وجودها فيما يحقق التنمية الجهوية والجماعية في وقت واحد، وفيما يعزز المقاربة التشاركية، التي يتطلع إليها المغاربة في أفق أن تكون الديمقراطية المحلية والجهوية قاطرة لدعم وتطور واستقرار الديمقراطية الوطنية في كل جوانبها التشريعية والتدبيرية والتنموية، ومجال للتنافسية بين النخب الجماعية والجهوية من أجل استكمال بنيات النظام الديمقراطي الدستوري في الوطن، ورفع مستوى ثقة ودعم المواطنين في أداء هذه المؤسسات الجماعية والجهوية والبرلمانية، التي يقوم عليها نظام الحكم في المغرب، والتي يعززها مضمون الدستور الجديد الذي حسم مع جميع الإشكاليات التي كانت تحول دون تطور نظامنا المؤسساتي.
ختاما لهذه المقاربة الاستشرافية التي اعتمدنا فيها على آراء وقناعات المواطنين في نظامنا الجماعي وفي النظام الجهوي في صيغته الجديدة، نؤكد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن إرادة المغاربة وجلالة الملك قوية في النهوض بنظامنا المؤسساتي وتوفير جميع الشروط والوسائل التي تمكنه من ذلك، مهما كانت التحديات والإكراهات التي يمكن أن تواجهه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق