متفرقات

الصّحراء…والمُهرْوِلُون الجُدد

 

عبد-العزيز-السىلامي

عبد العزيز السلامي*

كفاءات من أجل الصحراء، حكومات موازية، أمازيغ الصحراء .. وهلُم تنظيمات افتراضية تعج بها الشبكة العنكبوتية، تسلل القليل منها إلى صالونات نقاش نخبوي والبعض الآخر مايزال يبحث عن موطأ قدم تحت شمس صحراء ملتهبة .. وبينهما من يلعب على كل الحبال ويرقص على رمال الصحراء نشدانا للحظوة والتقرب من صانعي القرار “ديال بالصح” وليس فقط الموازي والاستئناس

جميل جدا أن يتم إغناء الساحة الحقوقية والجمعوية بتنظيمات مدنية تُؤسس لثقافة الرقابة الشعبية للسياسات العمومية ولمُساءلة الاختيارات الرّسمية للحاكمين، ولكن، أن يتم خلق هكذا هياكل تتماهى مع السياسات الحكومية فالأمر يتعلق بتنظيم يبحث لنفسه عن نصيبه في الكعكعة وليس اقتراح بدائل للترافع على أعدل القضايا والعمل من أجل تنزيل تلك الاقتراحات بالوسائل المتعارف عليها جمعويا.

أمازيغ الصحراء يختزلون مُبررات وجُودهم في المُطالبة بإشراكهم في مُفاوضات “مانهاست”، بينما التّراكم الذي راكمته هذه المفاوضات ومن هندس لها، يساءل جدوى هذه المفاوضات أصلا، التي ينتظر الشعب المغربي تقديم حصيلتها ولو من باب أن قضية الصحراء قضية كل الشعب المغربي من تندوف السليبة إلى السعيدية المحررة.

حكومة الشباب للشؤون الصحرواية الموازية، تهدف بحسب إحدى بلاغاتها، إلى “المساهمة إلى جانب الهيئات الاستشارية والتشريعية المنتخبة والسلطات في خلق سياسة شبابية مندمجة تنتقل من الاهتمام على مستوى الخطابات السياسية إلى الواقع” .. لكن لم يستطع أن يصاحب ميلادها إعلان أرضية تؤطر عمل “الحكومة الموازية للشؤون الصحراوية” وإعلان صريح مواقفها من السياسات العمومية الممنهجة في الأقاليم الصحراوية التي قوامها، طبعا، الريع والفساد والتملص من الواجبات الوطنية ولوبيات فساد مافيوزية تغتني على حساب ملايير رصدت لتنمية الصحراء .. تلك التنمية المفترى عليها.

كما أن تشكيل هذه الحكومة لم يكن تتويجا نوعيا لتراكمات بناءة، بل هيئة فوقية هيمن على نقاشاتها هاجس “القيادة” أكثر من حسم مجموعة من النقط الجوهرية في مثل هذه التنظيمات بدليل أنها لاتتوفر على تصور مكتوب بخصوص مهامها الآنية والإستراتيجية، بل أكثر من ذلك، شكلت جهازا تنفيذيا “الحكومة” قبل تشكيل “البرلمان” الذي يفترض أنه هو أعلى هيئة تقريرية تناط به مهمة تشكيل الحكومة/السلطة التنفيذية وليس العكس.

إن الشباب الصحراوي مُطالب بمبادرات لتوحيد نضالاته العادلة والمشروعة، وتأطير عفوية نساء وشباب يبتلعهم “غـــول الانفصال” والعمل من أجل صحراء العدالة الاجتماعية بين أبنائها، مهما كان أصلهم العائلي ومرتبهم القبلي، والمساواة في الولوج إلى الخدمات العمومية والمناصب الوظيفية، ومن أجل كرامة عامة المواطنين.

إن تنظيما بهذه المواصفات هو ما يمكن أن نسميه “هيئة ترافعية” حقيقية عن قضايا الصحراء وشبابها وعامة أبنائها، في سبيل ربح رهان الوحدة الترابية ووطن الديمقراطية وأداة لتمكين الشباب من الآليات الضرورية التي تخول له اكتساب تجارب ومهارات لفهم السياسات العمومية وتتبعها وتقييمها ومساءلتها .. و ما دون ذلك رهانات خاسرة ل.”المهرولين” الجدد.
رئيس تحرير الجمهور *

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق