للمستقلة رأي

من أجل التصريف العقلاني والديمقراطي للاختلاف ..!

999-1

ثبت بما لا يدع إلى الشك في واقعنا الثقافي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي، أن ننحاز جميعا إلى قيم التسامح واحترام الآخر، وتصريف الاختلاف بيننا عبر المنهج الحواري العقلاني والديمقراطي، الذي يتيح إمكانية التعبير عن الرأي الآخر ومناقشته بالاحترام الذي يقتضيه الحوار البناء والمنتج والحر، الذي تتمكن فيه الضمائر والعقول من النقاش حول مواقفها في جميع القضايا والموضوعات التي تتطلب هذا الحوار، بعيدا عن أنماط النقاش البزنطي والعدمي والعبثي والسلطوي والأحادي المرجعية والتوجه المذهبي والإيديولوجي.

إن المتشبع بالقيم الكونية لحقوق الإنسان والديمقراطية لا يمكنه إلا أن يكون مع الحوار العقلاني، الذي يتيح في صيرورته إغناء هذا الحوار بما يعزز المواقف المعبر عنها فيه، وتمهيد الطريق نحو ملامسة الحلول والبدائل والمواقف الصحيحة، ويترجم تاريخ المعرفة والفكر والعلوم والفلسفة في المجتمع الإنساني ما تمكنت الشعوب والأفراد من إضافته في الموضوعات التي تمحور حولها النقاش والبحث والدراسة، وارتبط ازدهار الحضارات الإنسانية الشرقية والغربية بفترات وجود الحرية والحوار والإبداع والنقد .. هذه القيم التي منحت أرقى الحضارات من التعريف بمجدها الحضاري الاقتصادي السياسي الاجتماعي والثقافي.

بكل صدق، حينما نؤكد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على فضيلة الحوار العقلاني والديمقراطي، فإننا نؤكد في واقع الأمر على أهم الأسس التي تمنح المجتمع وقواه الحية على اختلاف أنشطتها وقناعاتها إمكانية التعبير عن مواقفها اتجاه القضايا التي تثير تساؤلات الرأي العام الوطني، الذي يحتاج باستمرار إلى ما يقنعه بالجدوى والقيمة المضافة من الآراء المتصارعة حول الموضوع الذي يعني هذا النقاش المجتمعي، الذي يجب أن يظل متوازنا وعقلانيا وديمقراطيا، حتى وإن كانت أطرافه غير متطابقة ومتوافقة في خلاصاتها وقناعاتها اتجاه موضوع الحوار، وهذا ما يجب أن يكون واردا لدى الجهات التي تملك في الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني الحق في تصريف مواقفها، كما حدث مؤخرا في الصراع المفتعل بين الأطراف التي تعاملت مع مهرجان “موازين” و “فيلم الزين اللي فيك”، حيث أدى الخلاف إلى تباين كبير في المواقف وصل في بعضها إلى التجريح وهدر الدم للجهات التي أنتجت الفيلم والمحرضين على الفساد في برنامج “موازين” وهو الصراع الذي كان بالإمكان تصريفه دون أن يصل مداه إلى حدود التكفير والتهديد بالموت.
من المؤكد، أن اندلاع مثل هذه الزوابع تبرره سمات الواقع السائد في مجتمعنا، وفي المحيط العربي والإسلامي، والاستحقاقات الانتخابية المقبلة، التي يجب على أطرافها الارتقاء بالنقاش الثقافي والفني والديني إلى ما يخفف من الاحتقان والتشدد الذي يحاول المتحكمون فيه سكب المزيد من الزيوت والحطب لتوسيع رقعة المحرقة لتحقيق الأهداف المصلحية منها.

لكل هؤلاء نقول من موقعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن هذه النماذج من الحوار المجتمعي الأكثر تخلفا وانحطاطا لن تساهم في تطور الوعي المجتمعي ومعالجة القضايا التي تطرح نفسها في جميع المجالات، وأن المعالجة في الانحياز إلى الحوار العقلاني والديمقراطي الذي يتم فيه التعاطي مع كل وجهات النظر، واختيار الأنسب والأرقى والأنضج التي يتطلع إليها الرأي العام الوطني حول هذه القضايا المثارة والمحرضة للنقاش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق