للمستقلة رأي

ألست من “جوق العميان” يا توفيق ..؟!

BOUACHRINE

جيد أن تتواضع وتعترف بما تحدثت عنه في “جوق العميان”، ومن أنك من كوكب آخر، وأنك غارق كغيرك ممن ركبوا على الممارسة المهنية ولمعوا “خربشتهم” الصحفية ليجدوا أنفسهم بين المطرقة والسندان، ولم تبق أمامهم خيارات أخرى للدفاع عن نزاهتهم الوهمية، وأنك لا تقل عن زملائك في الخط التحريري .. وأنك أصبحت لا تقبل الاستمرار في هذا المستنقع الذي تتحدث عنه بهذه اللغة النقدية المخدومة، ومن أنك لم تعد تملك ما تبرر به سخافاتك اليومية التي اتضح للجميع لماذا هي مثيرة للجدل في عناوينها ومنهجية صياغتها التي أصبحت ترفض الالتزام بها اليوم.

نحن معك يا توفيق، لو صدر هذا الاعتراف المتأخر منك بناء على مبررات يمكن أن تقنعنا فعلا أنك قررت الرحيل من “جوق العميان” الذي تتهمه بالرداءة والدعارة والانتهازية، وأنت من خريجي هذا الجوق، ولك تجربة غنية في معاركه التي فزت فيها تبعا للخدمات التي قدمتها في ظل الخيارات الثلاثة التي يجد الصحفي نفسه مجبرا عليها، وإن كنت أدركت خريف المغامرة الصحفية التي أصبحت في متناول كل من يرغب فيها، فهذا تأكيد آخر على أنك لم تعد تجيد الضرب على الطبول التي لا تعترف بها.

إن “جوق العميان” لا يصنع الرأي العام، بل هو يعبر عنه في وسائل التعبير المتاحة له، وهو “جوق للعميان”، لأنك ممن جعلوه كذلك من خلال ممارستهم التي لا شك أنك تعرف مدى التزامها بأخلاقيات المهنة والوضوح في الرؤيا والتحليل والموقف.

وسنكون سذجا إن قبلنا هذا التحول المفاجئ في موقفك من العمل الصحفي، الذي حققت عن طريقه ما أنت عليه من نعمة وشهرة، لا نحسدك عليها على الإطلاق .. اللهم إن كانت أمور أخرى لا نعلمها عن مسار تجربتك الحديثة جدا، والتي أصبح لك فيها رأي لن نزايد عليه اعترافا منا بأسباب الإقدام عليه في جميع القضايا.

تأكد يا أخ توفيق، من أن لغة الكذب والافتراء لا يمكن الاستمرار فيها إلى ما لا نهاية، وأن الحقائق ستنتصر على من يريد تجاهلها دائما .. وبالتالي، ف “جوق العميان” الذي تتهمه اليوم هو إفراز طبيعي للموجة الصحفية التي كنت من فرسانها ومنظريها ومروجي إيديولوجيتها وأخلاقها، ولن يكون جوقا للمبصرين إلا إذا تخليت وبقية الطابور الخامس عن الفساد الإعلامي الذي يعود له الفضل في المجد الذي وصلت إليه.

صح ما قلته عن ابتذال العمل الصحفي، وتحول ممارسه إلى غير ما يجب أن يكون عليه، حيث أصبح مستعدا لتقديم الخدمة الصحفية حسب قوة الحدث أو القضية أو الدور أو الخدمة المطلوبة، وأصبحت القيمة في المصلحة التي يترجمها هذا العمل الصحفي لمن يدفع أكثر، وأنت كنت من الفرسان الأوائل الذين سبقت ظهور جريدتك “أخبار اليوم” حملة دعائية كشفت عن ما تبشر به من فتوحات صحفية لا يمكن أن ينافسها في السوق إلا من خرج من نفس مدرسة (البزنس الإعلامي) المتحكمة في السوق، ولا يجب أن تغضب من الخريف المبكر الذي دخلته تجربة جريدتك بعد التنقل في الجرائد التي اشتغلت فيها من قبل ك. صحفي وصاحب عمود ورئيس التحرير.

منك نتعلم ومن نموذج سلوكك الذي نترك نحن من “جوق العميان” الذي لا يتنكر لأبنائه حينما يعتذرون ويعودون إلى جادة الصواب، وسندافع عنك إن كانت توبتك صادقة وتريد أن تتخلى عن اندفاعك البرجوازي الصغير الذي تعترف اليوم بالفشل فيه.

ختاما لهذا الرأي الذي نعبر عنه اتجاه افتتاحيتك عن “جوق العميان” من أنك مطالب بعرض نفسك على طبيب للعيون للكشف عن الحالة المرضية التي وصلت إليها، والتي نعتقد أن إخوانك في المهنة يعانون منها، وما نتمناه هو أن تضع تجربتك المهنية على طاولة الافتحاص النقدي لتعرف حقيقة الانزلاقات الكبرى التي وقعت فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق