ملفات و قضايا

الموسم الدراسي الجديد وتطبيقات مشروع الإصلاح

المجلس الأعلى للتعليم

تستعد وزارة التربية الوطنية للشروع في ترجمة أهداف الرؤيا الإستراتيجية المستقبلية في المجال التعليمي، ووضع الأرضية القانونية والتنظيمية التي ستسهر الأكاديميات الجهوية ونياباتها على تنفيذها مع الدخول المدرسي الجديد، وعلى ضوء ما تبقى في ميثاق التربية والتكوين الذي استنفذ كل محاوره وبرامجه، وعلى ضوء خلاصات النقاش الجهوي التعليمي الذي اقتربت خلاصاته من وضع اليد على التشخيص وعلى المعالجات الملائمة التي يحتاج إليها نظامنا التعليمي في كل أسلاكه الذي وضع جلالة الملك في خطاب العرش كل الأطراف المعنية به أمام مسؤولياتهم، في أفق رسم معالم الإصلاح المساعد على رفع الإنتاجية والفعالية المطلوبة منه، سواء في مجال التكوين أو التأهيل، انسجاما مع ما يصرف عليه من ميزانية الدولة سنويا.

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لا نختلف مع جميع الأطراف المطالبة باستعجال الإصلاح التعليمي المؤدي إلى الطفرة في التكوين والتأهيل والتحصين، لكننا نعتبر محدودية الحوار المجتمعي حول إشكاليات نظامنا التعليمي هي التي تؤخر بلوغ النتائج المتوقعة من أي حوار جاد حول هذا الموضوع الاستراتيجي، سيما إن كان الوطن يتوفر على المجلس الأعلى للتعليم الذي يجب أن ينكب أعضاؤه ولجنه على الدراسة والبحث لكل جوانب هذا النظام، من المناهج حتى المقررات والبرامج والأسلاك، انتهاء باستغلال ثمار هذا التكوين والتأهيل التعليمي في مجالات التنمية وحماية الخصوصية والاستقلال.

إن ملاحظات صاحب الجلالة الملك محمد السادس حول نظامنا التعليمي الصريحة، تحتاج إلى من يبلورها في توجهات ومواضيع للبحث والدراسة في أفق إيجاد الحلول للمعوقات والإشكاليات التي تحول دون تطور نظامنا التعليمي، والاستفادة من  المتخرجين منه في مختلف التخصصات، ونعتقد في النقابة أننا نمتلك من الوسائل ما يؤهلنا للنهوض بنظامنا التعليمي وتحويله إلى قطاع اجتماعي اقتصادي منتج للأطر المؤهلة في مجالات تخصصها، والاستفادة منها وطنيا وخارجيا، كما انتهت إلى ذلك الدول التي تقترب من نموذجنا التعليمي.

إذن، الموسم الدراسي الجديد سيكون على إيقاع تطبيقات الاستراتيجية التعليمية الجديدة التي نتمنى أن تتاح للقاعدة التعليمية الفرصة للحوار حولها، ووضع الوسائط والوسائل لتطبيقها وفق الأهداف التنموية التي تقوم عليها، وهذا غير مستحيل بالنسبة لمكونات العملية التعليمية في نظامنا التعليمي، التي يمكن أن تحقق الأهداف المطلوبة منها، إذا وجدت المناخ والحوافز والشروط الملائمة لذلك، ومنها الرهان على تطوير وعقلنة شروط ممارسة المدرسة المغربية لوظائفها التكوينية والتأهيلية، وتحصين وجودها من أجل استمرار دورها في تأمين الخصوصية المجتمعية الحضارية المغربية المتميزة، على غرار ما تقوم به نظيراتها على مستوى العالم، والكرة الآن في ملعب المجلس الأعلى للتعليم المنوط به تعميق الحوار والبحث والدراسة حول الإستراتيجية التعليمية التي ستمكن المغرب من حسن الانخراط في مجتمع المعرفة، الذي أصبح التطور فيه حتمي وأساسي إن أراد الوطن حماية نفسه من الغزو الخارجي الذي يستهدف هويته ووظيفته المجتمعية.

من المعلوم، أن كل الأنظار موجهة نحو ما يتم القيام به على جميع الأصعدة من أجل احتواء ما يحول دون ممارسة نظامنا التعليمي لكل الوظائف الملقاة على عاتقه، خصوصا بالنسبة للتعليم العمومي الذي لا يزال رغم منافسة التعليم الخصوصي يشكل القاطرة في تأهيل النخب الجديدة في جميع التخصصات، ولا زالت نتائجه في كل الأسلاك تؤكد على صحة الاختيارات المطبقة فيه، ومن المؤكد، أن هناك إجماع على ضرورة صيانة هذا النظام التعليمي العمومي وإصلاحه وتقويم جوانب الخلل التي يعاني منها حتى يضاعف من نتائجه الإيجابية بالرغم من عدم ملاءمة تكويناته مع سوق الشغل، حيث لا يجد معظم خريجيه فرص العمل التي تتناسب والتخصصات التي تكونوا فيها رغم توسع الميزانية المرصودة إليه سنويا.

هذه ملامح الموسم الدراسي الجديد، وهذا ما يجب أن يستحضره الفاعلون في القطاع، إن كان الورش التعليمي يقتضي كما أكد جلالة الملك على ذلك، من أن التحدي الأكبر الذي يجب على المغاربة اجتيازه لجميع الصعوبات والإكراهات التي يطرحها إن كانت لنا رغبة حقيقية في الارتقاء بالوطن إلى مصاف الدول التي اجتهدت في نظامها التعليمي وجعلته قاطرة للتنمية في مجتمعاتها .. فهل سيضع المجلس الأعلى للتعليم هذا ضمن جداول عمله انطلاقا من الاختصاصات الممنوحة له ..؟ وهل سيتجند الفاعلون لهذه المعركة حتى يكون نظامنا التعليمي ومدرستنا المغربية على الموعد مع الإصلاح التنموي الحقيقي ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق