أخبارمنبر حر

الإضعاف الاقتصادي لوسائل الإعلام خطة لضرب حرية الصحافة

 

إبراهيم بونعناع

خلد المغرب، على غرار سائر بلدان المعمور، يومه السبت 3 ماي 2025، اليوم العالمي لحرية الصحافة، وهي مناسبة متجددة لتسليط الضوء على التقدم المحرز في هذا المجال، وكذلك للتأكيد على أهمية صحافة حرة ومستقلة وموثوقة ومسؤولة، كما يشكل هذا اليوم مناسبة لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزاماتها بضمان الحق في حرية التعبير المنصوص عليه في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت اليوم العالمي لحرية الصحافة في عام 1993 بناءً على التوصية التي اعتمدها المؤتمر العام لليونسكو في دورته السادسة والعشرين التي عُقدت في عام 1991، وقد كانت هذه التوصية بدورها رداً على نداء أطلقه الصحافيون الأفريقيون الذين أصدروا في عام 1991 إعلان ويندهوك

على الصعيد الوطني، ينص الفصل 28 من دستور المملكة على أن “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة .. تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به .. يحدد القانون قواعد تنظيم وسائل الإعلام العمومية ومراقبتها، ويضمن الاستفادة من هذه الوسائل، مع احترام التعددية اللغوية والثقافية والسياسية للمجتمع المغربي

وجاء في التصنيف السنوي للمنظمة مراسلون بلا حدود الذي نشر الجمعة 02 ماي 2025 عشية اليوم العالمي لحرية الصحافة، أن وسائل الإعلام والصحافيين يواجهون مواقف “إشكالية” أو “صعبة” أو “خطرة للغاية” في ثلاثة أرباع البلاد الـ180 التي تم تقييم الأوضاع فيها، كما حذرت منظمة مراسلون بلا حدود من الضغوط الاقتصادية التي تهدد حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم .. مسلطة الضوء في هذا المجال على عمليات إغلاق واسعة النطاق لوسائل إعلام إخبارية وهيمنة أصحاب المليارات، كما أكدت “مراسلون بلا حدود” أن “الوضع بات “صعبا للمرة الأولى” على مستوى العالم، ونبهت مراسلون بلا حدود، إلى أن  حرية الصحافة، ترزح تحت وطأة تمركز وسائل الإعلام في أيدي مجموعات ذات نفوذ ومقربة من السلطة .. ولفتت منظمة مراسلون بلا حدود إلى أن حرية المعلومات “تتعرض بشكل متزايد للعرقلة بسبب شروط تمويلية غير شفافة أو تعسفية، وبحسب تقرير المنظمة، فقد تقدم المغرب بتسع مراتب في مؤشر حرية الصحافة الدولي، حيث انتقل من الرتبة 129 إلى الرتبة 120 عالميا لسنة 2025، وحصل المغرب على تنقيط إجمالي حُدد في 48,04 من أصل 100، بعدما حصل السنة الماضية على نقطة 45,97، في المؤشر الدولي السنوي الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود

وفيما يخص المؤشرات الفرعية الخمس الأساسية، التي يعتمد عليه تقرير حرية الصحافة العالمي، أشارت مراسلون بلا حدود إلى تحقيق المغرب 44.25 في المؤشر السياسي، و36.21 في المؤشر الاقتصادي، و51.36 في المؤشر التشريعي، فيما حقق 52.72 في المؤشر الاجتماعي، وأخيرا 55.66 في مؤشر الأمان، ورغم تقدم المغرب في التصنيف العام، وفي جل المؤشرات الفرعية الأساسية، اعتبر التقرير أن الصحافة بالمغرب لا زالت تُعاني  من عدة مشاكل، أبرزها عدم تحقيق التعددية الصحفية المغربية الحقيقية لحد الآن، حيث أن التعددية الحالية ورغم أهميتها لا زالت لا تعكس تنوع الآراء السياسية في البلاد، كما تواجه وسائل الإعلام المستقلة والصحفيون ضغوطا كبيرة، إضافة إلى غياب الحق في المعلومة

إن ضمان توفر مساحة إعلامية تعددية وحرة ومستقلة يقتضي ظروفاً مالية مستقرة وشفافة، إذ لا صحافة حرة بدون استقلالية اقتصادية .. فعندما يتم إضعاف وسائل الإعلام اقتصادياً، فإنها تنجرف مع تيار التهافت على الجمهور، على حساب الجودة، مما يجعلها عُرضة لأطماع الأوليغارشيين، أو الجهات التي تتخذ القرارات ذات الصلة بالشأن العام، حيث تُصبح مثل الدمى في أيديهم .. فعندما يتم إفقار الصحفيين، لا تُصبح لديهم الوسائل الكفيلة بمقاومة أعداء الصحافة من جنود التضليل والدعاية .. ولذا، فقد بات لزاماً إعادة بناء الإطار الاقتصادي للحقل الإعلامي، انطلاقاً من أسس تتيح ممارسة العمل الصحفي وتضمن إنتاج معلومات موثوقة، مع الوضع في الاعتبار، أن ذلك أمر مكلف بالضرورة .. وإذا كانت الحلول موجودة، فإنه من الواجب تطبيقها على نطاق واسع، لأن الاستقلالية المالية شرط لا مفر منه لضمان معلومات حرة وموثوقة وتخدم المصلحة العامة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق