أخبارمجتمع

الذي يحب عامل إقليم اليوسفية يجب أن يقول له الحقيقة

 

 

ذ يوسف الإدريـــــسي

الأصل في القول هو؛ من أراد الخير لعامل إقليم اليوسفية، فليصدقه القول وليقل له الحقيقة .. أما الحديث عن (الحب) كشعور إنساني، فلا يستقيم في هذا السياق، لأنني هنا لا أتحدث عن علاقة شخصية، بل عن مركز قانوني يتحمل من يشغله مسؤولية تدبير الشأن العام، ويخضع بذلك لمبدأ المساءلة والمحاسبة

➖️مجالس جماعية استهلاكية ومجلس جهة إقصائي

رغم تعدد الجماعات الترابية بإقليم اليوسفية، بواقع تسع جماعات قروية وحضريتين، فإنها جميعا تشترك في غياب الرؤية التنموية الواضحة، وفي افتقارها لبرامج عمل حقيقية وفعالة .. فما تنص عليه المادة 78 من القانون التنظيمي 113.14 من ضرورة إعداد وتتبع وتحيين وتقييم برامج العمل تحت إشراف رئيس الجماعة، يبقى في كثير من الحالات حبرا على ورق .. إذ، من الصعب أن تجد أثرا لهذه البرامج على أرض الواقع

وهكذا، تتحول هذه المجالس إلى هياكل تستهلك الميزانيات دون أن تترجمها إلى مشاريع ملموسة تخدم ساكنة الإقليم .. أما مجلس الجهة فسنويا يعمد إلى إقصاء إقليم اليوسفية من المذكرة الاستثمارية الجهوية دون مبرر مقنع

➖️ميزانيات INDH سخية وتعليم متعثر وأمية مستشرية

رغم مرور سنوات على انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ورغم الميزانيات الضخمة المرصودة لها، لا يزال قطاع التعليم في الإقليم يعاني من اختلالات عميقة

فبحسب التقرير الإحصائي للمندوبية السامية للتخطيط، تقدر نسبة الأمية في الإقليم بحوالي 33% بين البالغين 10 سنوات فما فوق، وتصل إلى أكثر من 42% في الوسط القروي، ونفس النسبة تقريبا بين النساء

أما مؤشرات التمدرس، فهي بدورها مقلقة؛ 30.3% فقط من السكان لم يتجاوزوا التعليم الابتدائي.= .. والتعليم الإعدادي بدوره لا يشمل سوى 16.5% من السكان، مع تفاوت بين 20.2% في الحواضر و14% في القرى، بينما التعليم الثانوي التأهيلي يمثل فقط 7.8%، ولا يتجاوز 3.3% في العالم القروي، ثم إن التعليم العالي لا تتجاوز نسبته 5% من مجموع السكان، وتنهار في العالم القروي إلى 2% فقط، وهي أرقام لا تحتاج إلى مزيد من تفصيل في ظل غياب نواة جامعية وعد بها المسؤولون المحليون، دون أن ترى النور حتى اليوم

بطالة مقلقة وفوارق صارخة

بحسب ذات التقرير، يسجل إقليم اليوسفية معدل بطالة مرتفعا بلغ 24.3%، متجاوزا بكثير المعدل الوطني

وتتفاقم الأوضاع في المجال الحضري، حيث تصل البطالة إلى 32.6%، مقابل 18.4% في القرى .. أما الفوارق بين الجنسين، فهي أكثر حدة؛ 36% من النساء عاطلات عن العمل، مقارنة بـ22.9% من الذكور، ما يعكس هشاشة الوضعية الاقتصادية للنساء، وانعدام برامج الإدماج المهني المستدام

الصحة في غرفة الإنعاش

القطاع الصحي في إقليم اليوسفية يعيش أزمة بنيوية حادة، لا تقتصر على الخصاص في الأطر والتجهيزات، بل تمتد إلى غياب الخدمات الصحية الأساسية والمتخصصة، وعدد كبير من المرضى يجبرون على التنقل إلى مراكش للعلاج، في مشهد يجسد هشاشة المنظومة الصحية بالإقليم، ويزيد من قتامة الصورة وجود جمعيات مرتبطة بالمستشفى تستفيد من دعم المبادرة الوطنية، دون أن ينعكس ذلك على جودة الخدمات أو تحسين البنية التحتية الصحية

صوت الهامش في وجه التهميش

لم تعد الاحتجاجات الاجتماعية في إقليم اليوسفية استثناء، بل أصبحت تعبيرا متكررا عن الإقصاء التنموي والتفاوت المجالي .. فالمطالب الأساسية كالتشغيل، والرعاية الصحية، والعيش الكريم، تحولت إلى شعارات مرفوعة في وقفات ومسيرات، أبرزها (حراك الكنتور)، الذي جسد غضب شباب المنطقة ضد الظلم التنموي والتوزيع غير العادل للثروات وضد الاسترزاق الجمعوي المقنن

عشرون سنة من المبادرة الوطنية وتساؤلات مشروعة إزاءها

رغم مرور عقدين على انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وما رافقها من خطاب رسمي طموح، إلا أن الواقع التنموي في إقليم اليوسفية يظهر بوضوح أن الطريق لا يزال طويلا وشاقا .. فالمشاريع المنجزة، وإن وجدت، تبدو متفرقة وذات أثر محدود، في ظل غياب مقاربات شمولية ومندمجة

فهل ستكون الذكرى العشرون للمبادرة فرصة لتقييم موضوعي وجريء بعيدا عن الاحتفالات الشكلية لهذا المشروع الإنساني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق