للمستقلة رأي

أي حياد علمي في تحليلك السوسيولوجي لتاريخ الاحتجاجات في المغرب يا أستاذنا العطري..؟

AL ITRI 1

المستقلة بريس / متابعة

مع احترامنا لمقامك الأكاديمي يا أستاذ عبد الرحيم العطري، لم نجد في حوارك ضمن مناظرات الزميلة المساء في موضوعك “السلطة تعتبر الفعل الاجتماعي تهديدا لشرعية الوجود لذلك تواجهه دوما بالعنف” ما يؤكد أننا أمام مقاربة سوسيولوجية صرفة تتبنى الحياد العلمي في تحليلها لظاهرة الاحتجاجات الاجتماعية .. اللهم إلا الاستقراء السردي لتاريخ هذه الاحتجاجات في المغرب، وكتركيزك على الطابع الصدامي الذي ينتهي بالعنف والاعتقال الذي تلجأ إليه السلطة لإنهاء هذه الاحتجاجات.

لن نختلف في المستقلة بريس معك في صعوبة البحث السوسيولوجي لمثل هذه المواضيع المرتبطة بالواقع الاجتماعي والسياسي، التي لا يتمكن الباحثون فيها من إنجاز دراساتهم حسب الفرضيات والأسئلة التي يرغبون في الحصول على إيجابات حولها في إطار الموقف السائد من البحث العلمي عموما، والذي له علاقة بالحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية من جهة أخرى، حيث لا يتاح للباحثين فيها الغوص في موضوعاتها وفق اختياراتهم وأهدافهم العلمية من القيام بها في ظل الرقابة المفروضة عليهم .. إننا نعذرك يا أستاذ العطري على حصر بحثك السوسيولوجي في النسق النمطي الانتقائي الذي لا يتجاوز المظاهر السطحية للظاهرة الاجتماعية، في الوقت الذي يقتضي البحث السوسيولوجي احترام منهجيته العلمية الصارمة التي تتطلب تفكيك الظاهرة وعرض خلفياتها وطبيعة المرجعية السببية التي توجه صراع بينها التي تشمل العلاقات وشبكية المصالح التي تتحكم في نشأتها وفي إفرازاتها، لذلك لم يكن بإمكانك الاستقلال بتحليلك السوسيولوجي للاحتجاجات الاجتماعية في المغرب التي تحكمت فيها القرارات اللاشعبية التي لجأت إليها الحكومات، سواء تعلق الأمر بالمجال الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، مما استدعى تعامل السلطة معها بالعنف لاحتوائها وإخمادها منذ الستينات من العقد الأول من الألفية الثانية.

ليس مطلوبا منك في بحثك إبراز أو طرح وجهة نظرك من المواقف المتناقضة حولها المعبر عنها من الجهات التي قامت بهذه الاحتجاجات أو الجهات المعارضة لها، إذ أن الاحتجاجات في تاريخ أي مجتمع تتحكم فيها طبيعة العلاقات وشبكية المصالح التي تربط بين الطبقة الحاكمة والمحكومة، إذ لا يمكن للاحتجاجات الاجتماعية أن تندلع إن لم تتعرض العلاقات والمصالح الطبقية إلى ما يهدد ميزان القوى بينها، وما يؤثر على السلم الاجتماعي الهش القائم بينها والذي تساهم تداعياته باستمرار في خلق شروط التوتر الاجتماعي، لن تحتاج إلى المعالجات الحقيقية الملموسة، وليس إلى عمليات التجميل التي تزول كالمساحيق التي تستعمل لإخفاء العيوب .. ونحيلك كمتخصص في الحقل السوسيولوجي إلى أن الباحث في الاحتجاجات والثورات الاجتماعية يكون متحفظا في مقارباته لأسبابها ونتائجها، وغالبا ما يراهن على الموضوعية التي لا يغامر من خلالها بوجهة نظره، وإن كنت تعتقد أن اختلاف المصالح والدفاع عنها بين القوى والمؤسسات، وهذا ما يتعارض وتوجهات البحوث في مثل هذه الجوانب من الدراسات السوسيولوجية التي تتضاءل فيها الموضوعية والقدرة على التحليل والتشخيص .. وفي هذا الإطار، لا نملك في المستقلة بريس الحق في مطالبتك بما لا تملك الحق فيه، ونعتبر مقاربتك في موضوع الاحتجاجات في المغرب خطوة متقدمة لصالحك ولمن ستتاح له الفرصة في تعميق البحث السوسولوجي في هذا المجال.

إن تحليلك السوسيولوجي للانتفاضات الاجتماعية في المغرب لم تملك فيه القدرة على الحياد العلمي في الدراسة، حيث كانت أحكام القيمة التي عبرت عنها اتجاه جميع الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفها المغرب حتى الحراك الاجتماعي ل. 20 فبراير سنة 2011، ضمن ما تم التعبير عنه من القوى المجتمعية المشاركة وغير المشاركة، بل كنت حريصا على إبراز تأثرك الإيديولوجي الواضح في الموقف من العنف الذي مارسته السلطة ضد هذه الاحتجاجات، بدل أن تحرص على شرح وعرض طبيعة خلفيات ومبررات هذه الاحتجاجات الاجتماعية التي كانت في مجملها موضوعية ومشروعة اتجاه القرارات الحكومية المهددة لمصالح الفئات الاجتماعية التي انخرطت في هذه الاحتجاجات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق