أخبارملفات و قضايا

أربع وزراء اتصال سابقين يؤكدون لا دستورية مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة

 

نشرت “الأيام” في عددها الأسبوعي ملفا عنونته ب:” فضيحة حقوقية تؤسس لمجلس جنائي للصحافة بالتعيين” على إثر تقديم وزارة الاتصال لمشروع قانون بإعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة بلا مقاربة تشاركية، ولا روح ديموقراطية .. وقد ساهم في هذا الملف أربعة وزراء اتصال سابقين هذه خلاصة آرائهم

*وزير الاتصال الأسبق الحسن عبيابة

دعم الصحافة سيتحول لدعم انتدابي لتشكيل المجلس

من المفروض أن يبنى مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة على المرجعية الدستورية والديموقراطية وتكافؤ الفرص والتوازن بين جميع مكونات الصحافة، إلا أن بعض المقتضيات فيه مخالفة لما ينص عليه الدستور المغربي في مادته 28 حول الديموقراطية والاستقلالية في تشكيله، حيث ينص الدستور في هذا الفصل (….. حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية)، وينص أيضا في نفس الفصل (……تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به)، كما أن اعتماد “الانتداب” لفئة الناشرين، مقابل “الانتخاب” لفئة الصحفيين يكرس التمييز بين المهنيين، ولا يخدم الأهداف التي نص عليها مشروع القانون في الفصل الثاني منه:
* توفير إعلام متعدد وحر وصادق ومسؤول ومهني،
* ضمان الحق لكل صحفي في الإعلام أو التعليق أو النشر،
* تطوير حرية الصحافة والنشر والعمل على الإرتقاء بقطاع الصحافة
المقاربة الاقتصادية غير الواقعية المقاولات الصحفية أكثر من 90% منها غير مربحة تجاريا، وبالتالي فهي تعيش بالدعم الحكومي، وبالتالي فهي لا تمثل مقاولة حقيقية وفق معايير المقاولة التجارية، فالمقاولات الصحفية هي أقرب إلى مقاولات اجتماعية منها إلى مقاولات تجارية وعليه فتميزها تجاريا غير حقيقي، لأن إعطاء الناشرين التميز على الصحفيين المهنيين هو في حد ذاته تحكم في حرية الصحافة بحكم أن معظم الصحفيين هم مستخدمين عند الناشرين، وهذه إشكالية ستعيق العمل الصحفي المهني عن أداء مهامه، كما أن دعم الناشرين سيتحول من دعم مالي إلى دعم انتخابي في تشكيل المجلس وإدارته

•وزير الاتصال الأسبق مصطفى الخلفي:

المشروع مساس بمبادئ المساواة وينضح بالتراجعات

“للأسف الشديد رغم التصريح الذي جاء في مقدمة تقديم مشروع القانون رقم 26.25، من كونه عمل على الحفاظ على المكتسبات المحققة فإنه يشكل تراجعا كبيرا على مستوى اعتماد ازدواجية النظام الانتخابي لنفس الهيئة بين نظام التعيين المباشر والانتخاب وإدخال معايير تمس بقواعد المساواة وستضعف من مصداقية المجلس والأمر هنا يتعلق باعتماد نظامين متوازيين في فرز ممثلي الصحفيين والناشرين”

أما فيما يتعلق بالعقوبات الزجرية التي تبدأ من شهر توقيف للصحيفة إلى ثلاث سنوات لسحب البطاقة فهذه بدعة من البدع التي تم إحداثها من طرف من وضع المشروع ، والقانون السابق جعل منع الصحف من اختصاص القضاء بشكل حصري لكن اليوم تم فتح المجال لهذا المجلس لممارسة ذلك رغم أنه يبقى مؤسسة ذات طبيعة إدارية وتمكينه من هذا الاختصاص يمثل تراجعا”، لكن للأسف الشديد العناصر المضافة كلها تراجعية ولن تساهم في تجويد عمل

“إن إدخال معطى رقم المعاملات وتقليص مدة الممارسة المهنية من 15 إلى 10 سنوات كشروط للولوج لعضوية المجلس ضد الديمقراطية لأن رقم المعاملات يمكن تطبيقه في مجالات أخرى لا علاقة لها بعملية النشر لأن المحدد في هذا الإطار هو المقروئية وعدد النقرات بالنسبة للمواقع، وفي السابق كان المعطى مرتبط برقم اللجنة الثنائية الذي يمثل صوتا لكن إدخال رقم الأعمال المتعلق باستثمار الأموال فإنه يجعل الرأسمال يتحكم في عدد الأصوات المحصل عليها وهذا النوع فيه من الكثير من التراجع، علما أنه حتى بالنسبة للباطرونا وأرباب المقاولات الذين يتم انتخابهم على مستوى مجلس المستشارين، فإنه لم يتم أبدا تحديد رقم المعاملات كمعيار للحصول على الاهلية للترشح لعضوية هذا المجلس الدستوري، فما بالك محاولات فرضه في مؤسسة هي مجرد آلية من آليات التنظيم الذاتي..وللأسف الشديد ما تم التنصيص عليه هو تراجع ديمقراطي جديد لم يسبق اعتماده في أي مجال وهو تراجع ضمن تراجعات كبيرة وأنا ادعو البرلمان إلى أن يعمق النقاش حتى لا يقع ما يمس بمسار البناء الديمقراطي لبلادنا.

*وزير الاتصال الأسبق نبيل بنعبدالله:

مشروع القانون دليل على العمق الديمقراطي المفقود لدى الحكومة الحالية

لأول مرة خلال الثلاثين سنة الأخيرة في بلادنا يتم تقديم نصوص متعلقة بالإعلام والصحافة دون أن تخضع لمشاورات واسعة وهذا دليل على العمق الديمقراطي المفقود لدى الحكومة الحالية ودليل على أن الغرض ليس هو تنظيم المهنة من خلال الاعتماد على الانخراط الواسع والواعي لأهم مكونات المهنة بقدر ما يتمثل الهدف في رغبتها في أن تضع اليد أكثر مما نحن عليه اليوم على هذا المجال إما من خلال التضييق على مجال التعبير وعلى الطابع المستقل للصحافة أو من خلال استعمال الورقة المالية لاستمالة عدد من المنابر الإعلامية بمختلف أصنافها

هناك أيضا ملاحظة، وهي خطيرة، ومرتبطة في حد ذاتها في رغبة الحكومة في التعامل مع المقاولات الإعلامية انطلاقا من رأسمالها وأرقام معاملاتها في موضوع التمثيلية، ما يعني أنها تسعى إلى فرض المقاولات التي لها إمكانيات مالية كبيرة على حساب المقاولات الأكثر جدية والتزاما والتصاقا بقضايا هذا الوطن وبهموم المجتمع أضف إلى ذلك أن مشروع القانون قضى على مسألة التناوب بخصوص رئاسة المجلس بين الصحفيين والناشرين وهو في حد ذاته تراجع عما كانت عليه الأمور عند تأسيس المجلس الوطني للصحافة، وأعلم ما أقول، لأن فكرة هذا المجلس انبثقت من خلال الاطلاع على مجموعة من التجارب الدولية عندما كنت وزيرا

إن اعتماد الانتخابات بالنسبة للصحفيين دون تحديد معايير واضحة لذلك في مقابل اعتماد التعيين بالنسبة للناشرين هو رغبة في ممارسة الإقصاء ما يطرح تساؤلات كبيرة، إذ كيف يمكن لهذا المجلس أن يكون هيئة حقيقية للحكماء وهناك محاولة لإبعاد تنظيم الناشرين الأكثر تمثيلية وأقصد بذلك الفيدرالية وأيضا تشديد الخناق على النقابة الوطنية للصحافة، ربما لإرضاء بعض الأوضاع القائمة وكل ذلك طبعا يجعلنا نعتبر أننا أمام فضيحة جديدة وأمام رغبة في التضييق وفي تقوية المراقبة وفي إخضاع المجال الإعلامي أكثر مما نحن أمام نصوص تعمل على توسيع الديمقراطية وعلى تعميقها وصيانة حرية التعبير وأيضا صيانة مبدأ التعددية الذي كان هو الأصل عند تأسيس كل هذا المساروأما بخصوص المقتضيات الزجرية فإن هناك عمليا سعي إلى المزيد من تضييق الخناق وكل هذه الإجراءات هي خطيرة جدا والهدف هو أن تستمر فقط بعض المؤسسات التي، على أي حال، تكون عموما، مسايرة لرغبات وانتظارات الحكومة الحالية وهذه بكل صراحة فضيحة كبرى

وزير الاتصال الأسبق محمد الأعرج:

عدم مراعاة الأحكام الدستورية

1- نص مشروع القانون على انتخاب الصحافيين المهنيين السبعة عن طريق اقتراع فردي مباشر بدل نظام اللائحة المعمول به سابقا. علما أن نظام التصويت الفردي نظام لا يحقق حياة ديمقراطية سليمة تمثيل نيابي صحيح و يجعل الانتخاب مفاضلة على أساس الاعتبارات الشخصية وليس على أساس الكفاءة والبرامج.
2- عدم مراعاة الأحكام الدستورية ذات الصلة بمرتكزات الديمقراطية وبحرية التعبير والالتزامات الدولية للمملكة في مجال الحقوق المهنية، من خلال التنصيص على الانتداب عوض الانتخاب بخصوص تمثيلية الناشرين الذين يتم انتدابهم من قبل المنظمات المهنية وفق قواعد حصص بينما كان القانون السابق ينص ببساطة على سبعة أعضاء ينتخبهم ناشرو الصحف من بينهم
3- استبعاد تمثيلية الهيئة الدستورية المكلفة بتحقيق المشروع المجتمعي المتكامل وهيئات حقوقية أخرى، حيث سعى هذا المشروع إلى استبعاد ممثل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية علما أن هذا المجلس تركز مرجعيات إحداثه على الفصل 5 من الدستور الذي نص على أن مهمته تكمن على وجه الخصوص حماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، كما تم استبعاد ممثل جمعية هيئات المحامين كهيئة حرة مستقلة تساعد القضاء وتساهم في تحقيق العدالة. وتم كذلك استبعاد ممثل عن اتحاد كتاب المغرب كجمعية ثقافية تعمل على دعم الممارسة الثقافية وترشيدها
استبعاد تمثيلية هذه الهيئات غير مبررة وتطرح تساؤلات بدورها حول الجدوى من ذلك
ثالثا، تكريس المقاربة الاقتصادية وآليات الضبط ويتضح ذلك من خلال ما يلي:
1- إدراج تمثيلية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وهي مؤسسة دستورية مكلفة بمهام استشارية تتم استشارتها وفق الفصل 152 من الدستور في جميع القضايا التي لها طابع اقتصادي واجتماعي وبيئي، وهنا يطرح السؤال حول مغزى هذه التمثيلية، فهل الأمر أضحى أن الاقتصاد هو المحدد الأساسي للتشريع، كذلك وبموجب المشروع، تم تقسيم المقاولات الصحفية إلى فئات وفق معاملاتها السنوية على أن يخصص مقعد واحد لكل فئة ضمن المقاعد السبعة المخصصة للناشرين، ما يعني عمليا أن المؤسسات الأكبر من حيث رقم المعاملات تكون هي الممثلة في المجلس وفق ترتيب تنازلي، وهو ما يثير ملاحظات من سيطرة المؤسسات الكبرى على قرار المجلس واستبعاد المقاولات الإعلامية الصغيرة المتوسطة
رابعا، آليات الضبط والعقوبات التأديبية: تم التنصيص على إحداث ومسك سجل خاص بالصحافيين المهنيين وسجل خاص بالناشرين باعتبارها آلية لضبط القطاع. وإذا كان المشروع قد خصص لمسطرة الوساطة والتحكيم الباب الثامن وفي حدود (6 مواد)، علما أن هذه المقتضيات هي جوهر عمل المجلس الوطني. في مقابل ذلك خصص المشروع بابا مستقلا للتأديب والأخطاء التي توجب التأديب وللعقوبات التأديبية حوالي (15 مادة). هذا من جهة ومن جهة أخرى ومن بين المستجدات الواردة في المشروع وتطرح بدورها تساؤلا يتعلق الأمر بإقرار عقوبة جديدة تتمثل في توقيف إصدار الصحيفة الورقية أو الالكترونية إلى جانب نشر العقوبات التأديبية فور صدورها بصفة نهائية، وإذا كان القانون رقم 90.13 نص على عقوبات تأديبية في حق الصحافيين المهنيين والمؤسسات الصحافية تشمل التنبيه دون نشره للعموم، والإنذار الذي يمكن للمجلس ان يقرر نشره على العموم والسحب المِؤقت لبطاقة الصحفي المهني لمدة لا تتجاوز السنة وفي حالة العود يتم هذا السحب لمدة يحددها المجلس إلا أن المشروع من جهته نص على حالة العود، إذ اقترح المشروع سحب بطاقة الصحفي المهني لمدة لا تتجاوز سنة وفي حالة العود يتم هذا السحب لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات دون منح السلطة التقديرية للمجلس كما كان معمولا به في القانون السابق .
نخلص مما سبق إلى ملاحظة جوهرية ختامية وهي: هل فعل التشريع تحكمه آليات الضبط والاقتصاد أم تحكمه الحكمة والضوابط الدستورية والحقوقية ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق