
* لحسن لمزاوك
حاربوا انفصاليي البوليساريو والجزائر وتحالف المعسكر الشرقي خلال سبعينات و ثمانينات و تسعينات القرن الماضي، و صنعوا مجد المغرب و حرروا الصحراء .. مضحين بأقدس ما يملكه الإنسان في الوجود فداء للوطن .. فإذا بالمطاف ينتهي بهم على هامش التاريخ، ويطالهم النسيان وتغتصب حقوقهم وحقوق ذويهم في تناف تام مع وعود العاهل الراحل الحسن الثاني رحمه الله، وفي خرق سافر للحقوق التي يخولها لهم القانون العسكري والتشريع الوطني، وفي عصيان مستمر غير مفهوم للأوامر الملكية السامية
أهكذا تجازي الأوطان خدامها الأوفياء ..؟!
أهكذا تربى الأجيال على حب الأوطان ..؟!
إن الحديث حول قضية الصحراء و عن الحلول الكفيلة لإرضاء جميع الأطراف من أجل إنهاء النزاع المفتعل الذي عمر زهاء خمسة عقود، و الطي النهائي للملف يفرض على جميع المتدخلين و على جميع مكونات المجتمع المغربي استحضار التضحيات الجسام لجنودنا الأشاوس .. شهداء و مفقودين و أسرى و معطوبين، و حقوق أسرهم المسكوت عنها لعقود، لأن الملفات الحقوقية لهاته الفئة هي جزء أساسي من المعادلة التي لا يكتمل حلها إلا بإنصاف هاته الأسر و تمكينها من حقوقها كاملة غير منقوصة، والتطبيق الكامل للتعليمات الملكية السامية بهذا الخصوص
لقد أطل علينا السيد بوانو مؤخرا من خلال ملتمس داخل البرلمان بالتفاتة لفئة قدماء المحاربين و العسكريين وأراملهم و ضرورة تحسين معاشاتهم و تحسين أوضاعهم الاجتماعية، و حتى و إن استحسن البعض صنيعه هذا .. لكن، السؤال الذي يفرض نفسه هو ألم يكن بإمكان حزب بوانو “العدالة و التنمية” القيام بما يطالب به السيد بوانو الآن، و بإنصاف هاته الفئة بأكثر من ذلك، و تحديدا حينما كان حزبه يترأس الحكومة لولايتين اثنتين ( بنكيران + العثماني) بالرغم من إمطار رئاسة الحكومة حينها برسائل مطلبية و تقارير مفصلة عن الأوضاع الاجتماعية المزرية لهاته الفئة وعن ملفها الحقوقي المنسي ..؟!
إنها مجرد تصريحات سياسية المراد منها دغدغة مشاعر الشعب لغاية في نفس (…)، وكأن أبناء هذا الوطن بدون ذاكرة ..! وإلا، كيف لذات الشخص، أن يقوم بعد ذلك بمجاملة الانفصاليين أعداء وحدتنا الترابية، الذين كانوا سببا في مآسي لا تحصى، و كبدوا المغرب خسائر فادحة إن على المستوى البشري أو الاقتصادي، و ينعتهم بالمغاربة المخطئين و اعتبارهم إخوانا “له” و يرفض تصنيف تنظيمهم كمنظمة إرهابية ..!
مواقف بعض السياسيين الحربائية ليست بغريبة .. لذلك، فحتى في كلام أمثال هؤلاء عن أوضاع فئة أسر الجنود ضحايا حرب الصحراء المغربية نجدهم يتفادون الحديث عن تسوية الملف الحقوقي لهؤلاء الشرفاء، ولا يتحدثون عن حقوقهم المسلوبة و المسكوت عنها، بل يكتفون بملتمسات استعطافية “فضفاضة” من قبيل المطالبة بتحسين أوضاعهم الاجتماعية المزرية و بالتفاتة عطفية و مراجعة معاشاتهم الهزيلة، و كأن هؤلاء معدومون في حاجة إلى العطف والشفقة وليسوا شرفاء أمة وأصحاب حقوق مشروعة لاتزال في ذمة الدولة
إن الصمت المطبق على الملف الحقوقي لأسر شهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية من طرف المؤسسات الحكومية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وباقي مكونات المجتمع المغربي لفترة فاقت أربعة عقود، يعتبر أكبر وصمة عار على جبين المملكة، ونقطة سوداء ستظل ورقتها تستغل من طرف أعداء الوحدة الترابية، و من طرف التنظيمات الحقوقية الدولية والدول المعادية لمصالح المغرب
* ابن مفقود/شهيد عضو المكتب الوطني للجمعية الوطنية لأسر شهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية