
بقلم: سعيد ودغيري حسني
في عاصمة الأنوار تتكئ الشمس على الأسوار القديمة، وتتدلّى الزهور من الشرفات .. لكن، حين تمشي امرأة في قلب المدينة يوقظها ضيق خفي، بحثًا عن مرحاض لا يُذلّ كرامتها، تدخل مقهى وتطلب ماءً لا تريد شربه، فقط كي تمرّ إلى باب خلفي كأنها تتوسل حقًّا بسيطًا
اسمه الحاجة
اسمه الكرامة
اسمه الإنسان
في فيديو نُشر من قلب المدينة، صرخت سيدتان بكلمات هادئة،قالتا ما يخجل الكل من قوله:”نحن نحتاج مراحيض” .. بلا أقنعة .. بلا خجل، لأن الجسد حين يتحدث يسقط المظهر وتتجلى الحقيقة
المقاهي ليست مرحاضًا عامًا، ولا الحدائق، ولا الجدران، ولا الطرق السيارة التي تبتلع السائقين، وتبصقهم عند باحاتٍ، يغيب عنها الصابون
وتحضر فيها الروائح أكثر من النظافة
هل يعقل أن نخطو نحو كأس إفريقيا، ثم نعدو نحو كأس العالم 2030، وننسى أننا لم نوفر بعد مكانًا يحفظ ماء الوجه قبل أن نحلم بماء المجد ..؟
هل يليق بنا أن نراهن على الملاعب ونفشل في بناء المرافق ..؟
أيها القائمون على الشأن العام الكرامة تبدأ من الباب الخلفي، حيث تدخل النساء خائفات والشيوخ على عجل والسياح مرتبكون وكلنا مضطرون
اجعلوا من هذه الحاجة أولوية تشبه الرغيف
تشبه الضوء
تشبه التنفس
فنحن لا نطلب كثيرًا
نطلب مراحيض
تحترمنا حين ندخل
ولا تفضحنا حين نخرج
زبدة القول
أن المدن تُقاس لا بعدد الأبراج ولا بسعة ملاعب الكرة، بل بعدد الأبواب التي تُفتح للناس حين تضيق أجسادهم بصمتها