أخبارالبياناتجماعات و جهات

لا تكتبوا عن أكوام الأزبال فقد يقودكم ذلك إلى المحاكم ..!

 

ذ. يوسف الإدريســي

يبدو أن تاريخ اليوسفية سيحتفظ بغير قليل من السخرية على نكتة سمجة، بطلتها رئيسة جماعة المدينة، التي تقدمت بشكاية ضدي تتهمني فيها بالتشهير. وهي شكاية تؤسس لفصل جديد من فصول محاصرة الحق في التعبير عن هموم المدينة وآلامها وآمالها

لكن قبل ذلك، لابد أن نعود إلى السطر الأول من الحكاية، كي نفهم مدى السوريالية التي أصبحنا نعيشها في التعاطي مع نقاشات وتساؤلات المواطنين

قبل أسبوعين، اهتزت مدينة اليوسفية على وقع صورة صادمة لمواطنين يفترشون الكراسي على الرصيف لتناول وجبات سريعة، وسط أكوام من النفايات التي اجتاحت أهم شارع تجاري بالمدينة، نتيجة إضراب إنذاري خاضه عمال النظافة احتجاجا على ما وصفوه بـ(تعسفات إدارية) .. حينها، كتبت مقالا قلت فيه إن الصورة المتداولة لم تكن مجرد لقطة عابرة، بل مرآة عاكسة لحالة غير طبيعية تعيشها المدينة

في تلك اللحظة، كانت رئيسة جماعة اليوسفية خارج أرض الوطن، وتحديدا في إسبانيا. وقلت وقتها، وما زلت أقول، إنه لو كانت السيدة الرئيسة تحترم موقعها القانوني كشخصية منتخبة، وتحترم أصوات المواطنين التي أوصلتها إلى المنصب، لعادت فورا إلى المدينة، للوقوف على أسباب الأزمة، وإنصاف المتضررين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الكارثة،  غير أن للرئيسة، كما يبدو، أولويات أخرى حسب تقديراتها الخاصة

هذه الكلمات لم ترق للسيدة الرئيسة، فاختارت اللجوء إلى القضاء، وهذا من حقها .. لكن، ما ليس من حقها، هو أن تقاضي مواطنين تمثلهم، شئنا أم أبينا، بناء على نتائج عملية انتخابية .. مواطنون لم يرتكبوا جرما ولم يفعلوا سوى التعبير عن آرائهم، كما عبروا عن مواقفهم واختياراتهم يوم التصويت

بمعنى أوضح، السيدة الرئيسة، بشكايتها، تريد أن تقول للمواطنين؛ لا تكتبوا عن المدينة ولا عن معاناتها، ولا عن سوء التدبير المحلي، بل اكتفوا فقط بالكتابة عن فصل الصيف، وعن الأعراس، وأنواع (البساطيل)، ومواسم الختان وطقوسها التي بدأت تندثر .. فهذه مواضيع آمنة لا تقود إلى المحاكم ولا إلى السجون

لكن، ربما قد تكون الرئيسة محقة في تقديرها. فمن نحن أصلا حتى نكتب ونمارس حقنا في التعبير ..؟!

ولماذا نستنزف جهدنا في التحقيق والكتابة، وفي رصد واقع التدبير المحلي، في مدينة يتيمة، وجدت نفسها في الزمن الخطأ، ومع مسؤولين يفكرون في كل شيء، إلا في مصلحة المدينة وساكنتها ..؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق