
باريس على موعد مع الشلل يوم احتجاجي واسع
متابعة – عبد الرحيم مالكي
تشهد باريس وإيل-دو-فرانس يوم الأربعاء 10 سبتمبر 2025 تعبئة اجتماعية واسعة النطاق، تحت شعار:
فلنُعطِّل كل شيء
استجابة لدعوات أطلقت عبر شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الماضية، احتجاجًا على توجهات الحكومة في مشروع موازنة عام 2026
ويأتي هذا الحراك في سياق سياسي واجتماعي متوتر، في ظل إجراءات تقشفية مرتقبة تشمل تجميد المعاشات، وإلغاء بعض أيام العطل الرسمية، وتقليص الإنفاق على الخدمات العامة
القطاع الأكثر تأثرًا بهذه التعبئة سيكون بلا شك قطاع النقل، حيث أعلنت نقابات عاملة في الـRATP والـSNCF مشاركتها في الإضراب، ما ينذر باضطرابات كبيرة على مستوى شبكات المترو وقطارات الضواحي والحافلات .. وبحسب المؤشرات الأولية، يتوقع أن يشهد تنقل المواطنين في العاصمة صعوبات بالغة، مع إمكانية توقف شبه كامل لبعض الخطوط الحيوية
ولا يقتصر الأمر على النقل فحسب، إذ سجلت دعوات إلى الإضراب في قطاعات أخرى أساسية، مثل المستشفيات التابعة لمجموعة مستشفيات باريس الكبرى (AP-HP)، إضافة إلى مشاركة الصيدليات وعمّال النظافة وموظفي عدد من الإدارات العمومية .. هذه التعبئة المتعددة القطاعات قد تؤدي إلى تعطيل ملحوظ في بعض المرافق الصحية والإدارية، الأمر الذي يثير قلقًا متزايدًا لدى السلطات
من جانب آخر، تلوح في الأفق تحركات ميدانية مباشرة، على غرار قطع الطرقات والدوارات المرورية، وفتح بوابات بعض محطات الرسوم بشكل مجاني، فضلًا عن احتمال تنظيم اعتصامات أو عمليات تعطيل أمام مواقع استراتيجية مثل المطارات والمستودعات اللوجستية والمراكز التجارية الكبرى
أجهزة الاستخبارات الفرنسية قدّرت حجم المشاركة على المستوى الوطني بما يصل إلى مئة ألف متظاهر، مع تركيز خاص للحشد في باريس وضواحيها، غير أنّ هذه التقديرات تبقى رهينة بتطور المشهد السياسي، خصوصًا في ضوء التصويت على الثقة بالحكومة داخل الجمعية الوطنية قبل يومين فقط من موعد التعبئة
على الصعيد السياسي والنقابي، يحظى هذا التحرك بدعم أحزاب يسارية أبرزها «فرنسا الأبية» و«الحزب الجديد المناهض للرأسمالية»، إلى جانب منظمات نقابية كبرى مثل CGT وSolidaires، فضلًا عن حركات بيئية واجتماعية بينها Extinction Rebellion و«انتفاضات الأرض» .. هذا التنوع في الجهات الداعمة يمنح الحراك زخمًا إضافيًا، ويعكس تلاقي مطالب اقتصادية واجتماعية وبيئية تحت راية واحدة
في ضوء هذه التطورات، يبدو أن يوم الأربعاء المقبل سيكون يومًا استثنائيًا في العاصمة الفرنسية، حيث يُنتظر أن تشهد الحياة اليومية اضطرابات ملموسة في مختلف المجالات، وبينما تتأهب السلطات لمواجهة التداعيات، يبقى على المواطنين والزوار الاستعداد لمشكلات محتملة في التنقل والخدمات، في انتظار ما ستسفر عنه هذه الجولة الجديدة من التعبئة الشعبية