متفرقات

الخطاب الإعلامي والمبالغة في البهارات الإيديولوجية ..!

البهارات 1

لم يكن واردا البحث في مسألة البهارات الإيديولوجية التي توظف لتحرير الرسائل العلنية أو المشفرة في الخطاب الإعلامي، لو لا ما أصبح عليه المشهد الإعلامي من تغول في اللجوء إلى هذه البهارات التي تثير فضول القارئ أو المشاهد، وإمعان بعض الجهات على هذا النهج من أجل نزع شرعية مضمون الخطاب الإعلامي وإفراغه من أي مصداقية في كل أجناس الممارسة الإعلامية أو الصحفية، من الخبر حتى تحليل المعلومة أو اختيار الصورة لعنوان المقالة أو التغطية أو التعليق على حدث أو موضوع أو قضية رأي عام.

هل البهارات الإيديولوجية مطلوبة في المنتوج الإعلامي والصحفي أم لا ..؟ وهل هذه البهارات تساعد على إبراز قيمة مضمون الخطاب الإعلامي ..؟ وهل لهذه البهارات الإيديولوجية مفعول على الجدوى المتوقعة من الممارسة الصحفية أو الإعلامية ..؟ وفي أي مجال تتضح تداعيات هذه البهارات الإيديولوجية على العمل الإعلامي والصحفي ..؟ وهل لهذه البهارات دور في رقي الخطاب الإعلامي أو في تأخره ..؟ وكيف يمكن أن توظف في محاور موضوع العمل الصحفي أو الإعلامي ..؟ ومتى تكون هناك حاجة إلى الاشتغال على هذه البهارات الإيديولوجية ..؟

ما نقصده من موقعنا في المستقلة بريس بالبهارات الإيديولوجية، هو مختلف الوسائط والأدوات اللغوية والمنهجية التي يلجأ إليها الممارس الإعلامي لفرض مشروعية وجود منتوجه على القارئ أو المشاهد، والتي يتجلى إما في قوة مفردات اللغة الموظفة في العنوان، وفي عرض المادة الإعلامية أو الصحفيةـ أو في وسائل الإقناع المصاحبة للموضوع الصحفي أو الإعلامي في الوثائق والمعلومات والصور التي تعزز مصداقية تناول الموضوع الأساسي، كما يمكن ملاحظة هذه البهارات في الصياغة المنهجية للموضوع وترتيب أولوياته ومحاوره، وقد تكون في العناصر الجديدة التي يطرحها كقيمة تحليلية أو عملية مضافة لم يسبق التعاطي معها.

ليس في البهارات الإيديولوجية ما يشكك في راهنية الموضوع المطروح في المنتوج الإعلامي أو الصحفي كيفما كان جنسه، ودائما تتجلى هذه البهارات كمحفزات من الممارس لإثارة انتباه القارئ أو المشهد، وعادة ما تكون هذه البهارات الإيديولوجية مشجعة على المتابعة في القراءة أو المشاهدة، حينما توظف بعناية فائقة من قبل مستعملها في المنتوج الصحفي أو الإعلامي، وما نلاحظه في هذا المجال هو تواضع اللجوء إلى هذه البهارات، وحرص المهتم بها على الاختيار الانتهازي للبهارات التي تناسب الأهداف التي رسمها لمنتوجه الإعلامي أو الصحفي، وتظهر بقوة في صحافة الفضائح والارتزاق الدعائي الرخيص، التي ينجح البعض فيها حتى أصبح من المبرزين في الاشتغال عليها، والأسماء التي تتصدر هذا النموذج من الصحافة والإعلام معروفة، وهي على علم بدورها الانتهازي التخريبي، ولا تريد أن تتوقف عن ذلك، ولا تتأخر في توجيه اللوم والنقد إلى من يشاركونها الاشتغال على البهارات، سواء في الصحافة الحزبية أو في الصحافة المستقلة المعبرة عن مصالح الإقطاع والبرجوازية المتعفنة المسيطرة على كل القطاعات الإنتاجية والخدماتية والتدبيرية، والتي تجمعها المصالح الطبقية المشتركة في الوظائف التي تمارسها لترسيخ هذه الوضعية التي تستفيد منها مع هؤلاء ضدا في كل من يريد تهديد العيش المشترك النفعي الذي يوجه العلاقات والمصالح بينهما.

ولسنا في حاجة إلى الشخصنة، فهؤلاء معروفون عند أمة الصحافة والإعلام المستبد والمستبعد في نفس الوقت، ويكفي أن أرصدتهم المنتفخة في الأبناء والمشاريع المتعددة التي يشاركون فيها إلى من يوزعون عليهم الغنائم والهبات والإعانات توضح مدى حرفية ومهنية هؤلاء في استخدام البهارات الإيديولوجية في عملهم.

كما تظهر في الصحافة المصنفة بأنها مستقلة وما هي في الواقع إلا صحافة “بزنس” بامتياز، كما نراها في صحافة الباطرونا التي تشارك كل الموضوعات دون أن تطرح وجهة نظرها حولها .. وتلك التي تنتهز متابعة القضايا الكبرى التي لا يزال الحسم فيها لم يصل إلى نهاياته، أو لم يتوقف النقاش حولها في المجالات السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الفنية.

إننا نطرح هذا الموضوع الإشكالي الذي نواجهه يوميا، ويفرض فتح نقاش مسؤول وعام حول جوانبه المختلفة في أفق إغنائه أولا، وحسن التعاطي مع أهدافه في الممارسة المهنية الصحفية والإعلامية .. فهل من آراء أو مواقف أو اجتهادات حوله يمكن أن توسع النقاش للمزيد من التوضيح والكشف عن المسكوت عنه في هذا الموضوع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق