ملفات و قضايا

حينما تنتصر الواقعية على الحكومة في صياغة القانون المالي لسنة 2016

رئيس

هل سيتنازل رئيس الحكومة لمعارضيه ويعترف بفشل كل التخيلات والأوهام التي بنى عليها مواقفه من الواقع الاقتصادي الوطني ..؟ ومن أن هذا الاقتصاد لا يمكنه أن يحقق كل المعدلات الحالمة التي كان يروج لها قبل ولوجه للحكومة أو بعد ممارسته للمسؤولية في رئاستها .. وهل سيعترف لخصومه ولأنصاره بأنه كان مجانبا للصواب في توقعاته عن المعدل السنوي المرتفع الذي يمكن أن يصل إليه الاقتصاد الوطني في ظل ركود الاقتصاد العالمي الذي لم يتحرر بعد من الأزمة المالية الأمريكية في 2008، وانعكاساتها المباشرة على حلفائه في أوربا الغربية وجنوب شرق آسيا، وأن الاقتصاديات الصناعية والمالية القوية.

نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، مع رئيس الحكومة في ممارسته للنقد الذاتي والتخلي عن الأوهام الانتخابية التي كان يتبناها في بداية عمله على رأس الحكومة الحالية، ونعتبر ذلك قمة الوعي والنضج التي يجب أن يكون عليه المسؤول القريب من المعلومات والوثائق والمباشر لمسؤوليته التدبيرية الحكومية، وهذه واقعية محسوبة له في السنة الأخيرة من عمر حكومته قبل انتخابات 2016 التشريعية، وإن كان هذا التحول في سلوكه متأخرا وكان من الطبيعي أن يمارسه في وقته سيما وأن فوزه في انتخابات 2011 تزامن مع الأزمة المالية العالمية التي فجرتها أزمة سوق وولستريت الأمريكية التي عصفت بقوة وتماسك أقوى الاقتصاديات في أوربا الغربية وآسيا وأمريكا وجعلت أصحاب القرار الاقتصادي في هذه الدول عاجزين على تخيل معدلات نمو في اقتصادياتهم ولا تتجاوز بين 2 و 3 إلى جانب الاعتراف بالمسؤولية في الأزمة التي بخرت تقدم وتوازن اقتصادياتهم المتطورة.

نفخر بتحليلنا الاقتصادي المتواضع في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، حينما نبهنا رئيس حكومتنا بتصريحاته المتفائلة التي كان يلوح فيها بإمكانية تحقيق نسبة النمو فيما بين 5 و 6 في عز الأزمة المالية العالمية الأخيرة، وقلنا لحظتها أن هذه المعدلات حالمة ووردية ولا يمكن لاقتصادنا الوطني أن يبلغها في ظل الإكراهات التي يواجهها في أزمته البنيوية التي يعاني منها، وكان رئيس الحكومة يعتبر الآراء والانتقادات التي توجه لخرجاته الإعلامية حول الهم الاقتصادي الوطني أنها مجرد اجتهادات حاقدة لا يعلم أصحابها عمق ما يملكه اقتصاد الوطن التي تجعله في معزل عن آثار وانعكاسات الأزمة المالية العالمية، وهنا يحق لنا أن نسائل رئيس الحكومة عن هذه الواقعية الاقتصادية التي صاغ بها ميزانية 2016 التي اختفت فيها الأرقام الفلكية التي كان يستعملها في السنوات الأولى من انتداب حكومته في نسختها الأولى ..؟ ولماذا بالضبط هذه الرؤيا التي تتبنى الأرقام الحقيقية التي لا يمكن النفخ فيها ..؟ أم أنه يريد استعمال هذه الواقعية من أجل دغدغة مشاعر المغاربة فقط ..؟

نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نحبذ هذا الموقف الاقتصادي الموضوعي الذي عبر عنه رئيس الحكومة في القانون المالي لسنة 2016، ونعتبره تصحيحا للخطأ الذي كان يرتكبه من قبل، لكن هذا لا يبرر أبدا محاولة الإيحاء بالتعامل الملائم مع شروط الأزمة وواقع الإمكانيات المتاحة أمام الحكومة في القانون المالي الجديد، ذلك أنه كان عليه أن يتبنى هذه الواقعية الاقتصادية في وقتها حتى يكون المواطنون على بينة من الواقع الحقيقي لاقتصاد الوطن، ويعلم السيد رئيس الحكومة أن الرأي العام الوطني لم يعد يتحمل سياسة التبري والهروب إلى الأمام في السياسة الاقتصادية، وسننتظر من رئيس الحكومة حلولا حقيقية قابلة للإنجاز للمشاكل الاقتصادية المطروحة التي يعترف بوجودها ويحاول التقليل من تداعياتها الخطيرة على الاستقرار والسلم الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق