أحداث دولية

الانتفاضة الفلسطينية وسياسة أمريكا المنحازة لإسرائيل

ALINTIFADA

كما كان متوقعا، لم يخرج الموقف الأمريكي الرسمي عن ما كان منتظرا من انحياز سافر لإسرائيل على ضوء نتائج الانتفاضة الفلسطينية الرافضة لسياسة الاحتلال والاستيطان .. ففي الوقت الذي تقتل فيه إسرائيل الشعب الفلسطيني بدم بارد، تعلن الإدارة الأمريكية عن رفضها لقتل الفلسطيني للمدنيين من إسرائيل، مع أن حصة القتل الكبيرة في صفوف الفلسطينيين العزل الذين يدافعون عن حقوقهم بالاحتجاجات السلمية وبالحجارة والوسائل القانونية في المنظمات الدولية.

إن ما يهمنا في جريدة المستقلة بريس هو ازدواجية السياسة الأمريكية التي لم تتوقف عن دعم ومساندة إسرائيل، وتوفير الحماية لحكوماتها المتعاقبة لتنفيذ ما تخططه للفلسطينيين قصد تهويد أرضهم وطردهم منها، وزرع الرعب في دول الجوار، بدل البحث عن سبل السلام والتعاون معهم، والإصرار على رفض منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة التي تزكيها القرارات الأممية المتعاقبة، والإجماع العربي والإسلامي، وهذا ما تحاول أمريكا التحايل عليه منذ اتفاق أسلو الذي بموجبه أصبحت للفلسطينيين سلطة الحكم الذاتي في أفق إنهاء المفاوضات التي تجاوزت 20 سنة، نتيجة التعنت الإسرائيلي ورفضه للمقترحات الفلسطينية، سواء في المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة، بفعل الدعم الأمريكي المتواصل للموقف الإسرائيلي وضغطه على الجانب الفلسطيني للقبول بنتائج هذه المفاوضات العقيمة التي تستفيد منها إسرائيل للاستمرار في سياستها التهويدية والاستيطانية في الأراضي الفلسطينية، التي تحتلها ولا تريد الانسحاب منها، حتى وإن قدم الفلسطينيون كل التنازلات التي تحتاج إليها إسرائيل لضمان أمنها ومصالحها.

ما يمكن أن نصف به الموقف الأمريكي المزدوج، هو رهانه الدائم على دعم إسرائيل وإفراغ المطالب الفلسطينية من أي مصداقية وقوة محتملة، وهذه هي السياسة التاريخية الأمريكية في أرض فلسطين المناوئة للحق في تأسيس الدولة على أرض فلسطين وعاصمتها القدس على حدود 1967، واحتواء أسباب العداء التاريخي بين العرب وهذه الدولة التي تريد أن تفرض شرعيتها اليهودية المرفوضة على شعوب المنطقة.

إن أمريكا في شخص إدارتها الديمقراطية، وحتى الجمهورية القادمة تغامر بمصداقيتها، وحرصها على حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، إذا ما واصلت سياسة التمييز السلبي ضد الفلسطينيين والعرب لصالح دويلتها المدللة إسرائيل الصهيونية الحالية، التي تعتقد أنها محمية من ردود الفعل ضد سياستها الاستيطانية والتوسعية في فلسطين والأراضي العربية المجاورة، وإن لم يتدارك المسؤولون المدنيون والعسكريون الأمريكيون أخطاءهم، التي منها هذه الحماية المقدسة لإسرائيل في الشرق العربي ستكون عواقبها كبيرة، وستضاعف من عزلتها الدولية ورفض العالم لسياستها التمييزية العنصرية الواضحة، التي عمقت الشعور الفلسطيني والعربي المناهض لطبيعة العلاقة مع أمريكا في ظل سياستها المنحازة المكشوفة لصالح دولة الاستيطان والاحتلال، التي لن تتمكن من تحقيق أهدافها الاستعمارية في ظل تنامي الشعور المقاوم والمضاد لهذه السياسة الاستعمارية التي تمارسها إسرائيل وحاميتها أمريكا ضد الشعوب العربية عامة، والشعب الفلسطيني الذي اغتصبت أرضه منذ 1948، وستعرف أمريكا فداحة أخطائها مع الفلسطينيين والعرب، ولن يكون بإمكانها تبرير سياستها الحالية المنحازة بالمطلق لصالح الدولة الصهيونية التوسعية حتى وإن كان اللوبي الماسوني اليهودي العالمي هو الذي يقف وراء هذه السياسة الأمريكية ضد العرب اليوم.

لن نكون في المستقلة بريس، إلا مع الفكر التحرري الديمقراطي الأمريكي الذي تتغنى به أمريكا بواسطة تمثال الحرية في نيويورك الذي تزوره القوافل السياحية، وإن كنا أيضا مع الفكر الديمقراطي والحداثي والتحرري الأمريكي في عدة مجالات، فإننا في نفس الوقت نرفض هذا الانحياز الأعمى الأمريكي لصالح الكيان الصهيوني في فلسطين، الذي يريد محو ذاكرة العرب والفلسطينيين من أرضهم، ولن يقبل أحرار العالم أن تكون السياسة الأمريكية بهذا الجنوح نحو مناصرة إسرائيل التي تساهم عداوتها في عدم استقرار الشرق الأوسط الذي تخطط أمريكا وحلفاؤها في أن يطبق مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي لا يقبل بوجود إسرائيل العنصرية والصهيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق