منبر حر

المبرع يكتب عن “الجنازة” الوطنية الكبرى للصحافة ..!

االمبرع

بعد تهنئة الزملاء الصحفيين والصحفيات المتوجين في جائزة الصحافة في نسخة 2015، وتحية لجنة التحكيم على مجهودها … لا أجد مناصا من اقتسام وجهة نظري المتواضعة، والتي تخصني لوحدي ولا تلزم في شيء المؤسسة التي أشتغل فيها، بعد أن عجزت عن التزام واجب التحفظ الذي تفرضه علي مسؤوليتي الوظيفية التي لم تصمد أمام مسؤوليتي الأخلاقية والمهنية، ورغبتي الجامحة في قول ما أخفيه في صدري، وما يشاركني فيه الكثير من الزملاء والأساتذة الأجلاء، فعقب تبادل تلقائي لوجهات النظر والآراء بين عدد من الزملاء والأساتذة الذين حضروا ليلة أمس (19 نونبر 2015) الحفل البادخ، الذي نظمته وزارة الاتصال للإعلان عن الفائزين بجائزة الصحافة بسلا، طلب صديق صحفي أن نعمل على اقتسام ملاحظاتنا بشتى أشكال النشر والإعلام المتاحة لعل أصواتنا تصل إلى القيمين على جعل الاحتفال باليوم الوطني للإعلام “كرنفالا” من السخرية ومطية لتلميع صورة الحكومة ومدح انجازاتها في مجالات يعرف البعيد قبل القريب أنها خارج دائرة نفوذها .. سبب إثارة النقاش، ما آلت إليه الجائزة المسماة ظلما كبرى للصحافة، من تحريف لمسارها كمحطة لتتويج أداء وأعمال الصحفيين ومؤسسات الإعلام والصحافة وتشجيع المهنية والإبداع، إلى مناسبة للبهرجة الساذجة و تضخيم وهم التميز عند الكثيرين، بسبب التخلي عن وضع المعايير الصارمة البناءة في الاختيار، بدءا من تعيين اللجنة التحكيمية، إلى انتقاء الأعمال المرشحة للتتويج .. لأنه عندما تتحكم الاعتبارات غير المهنية في سير الأمور، وتخرج الجائزة (مائلة من الخيمة) كما يقال، نصبح أمام مشاهد سوريالية لا تقع إلا في مهرجاناتنا الاحتفالية، من قبيل منح الجائزة لمرشح فريد، تقدم بعمل وحيد وبدون منافس، مثلما حصل في جائزة الإنتاج الصحافي الحساني، أو الخلط غير المفهوم في جائزة واحدة بين أجناس متنافرة تنتمي لصنفين من الإعلام متمايزين من حيت طبيعتهما وخصوصيتها، سمعي وبصري، مثلما وقع في جائزة الإنتاج الأمازيغي التي منحت مناصفة لعملين، واحد في الإذاعة والآخر في التلفزيون، هذا دون الحديث عن قبول وتتويج أعمال شركات الإنتاج التلفزيوني التي تعود حقوق تأليفها وتوزيعها قانونيا إلى القناة التي بثت فيها تلك الأعمال .. ودون الإشارة أيضا إلى أن جائزة الوكالة تتنافس فيها أعمال زملاء من نفس المنبر .. أما جائزة الصورة الفوتوغرافية فحدث ولا حرج.

إن المفروض في جائزة من حجم ما تشرف عليه وزارة الاتصال سنويا، بالتراكمات التي حصلت على امتداد ثلاثة عشر سنة من الوجود، وفي ظل الطفرة الهامة التي حصلت في فضائنا الإعلامي خلال هذه المدة الزمنية، وتطور هامش الإبداع وهامش الحريات ومجال التكنولوجيات، من المفروض إذن، أن تكون لحظة فعلية لتتويج التميز المطبوع بحس الإبداع الخلاق والمهنية الراقية، لحظة للاعتراف بالجهد، وبالكفاءة، وبالاسهام الفعّال في تطور الممارسة وتثمين الأداء، والرفع من مستوى المنتوج الصحفي في مختلف أصنافه .. كان من المفروض أن نستفيد من هفوات السنوات الماضية، ونستدرك أخطاء حصلت بقصد أو غيره، وأن نحصن الجائزة من كل اختراق للعبث والتسييس الفارغ حتى لا تصبح مثل عجل قوم موسى .. نجتمع فيها فقط لأنها فيها ذهبا .. وهي جوفاء.

إن بداية تصحيح انحراف الجائزة عن المسار الذي لاشك أراده لها جلالة الملك وهو يدعمها برسالة قوية في 2002، والمسار الذي تطلع له الصحفيون المهنيون الحقيقيون، والمسار الذي لا يمكن دونه أن تحافظ على ماتبقى من مصداقية، ينبغي في تقديري المتواضع أن تمر عبر إعادة نظر كلية في أهدافها ومراميها ونظامها الأساسي من خلال وضع رزمة معايير واضحة وشفافة يتفوق فيها المهني على ما سواه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق