أخبارمجتمع

بعد 20 سنة من الأرقام والشعارات هل حققت مبادرة التنمية البشرية وعودها بإقليم اليوسفية

 

 

ذ. يوسف الإدريــــــسي

تستعد هذه الأيام اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم اليوسفية للاحتفال بالذكرى العشرين لانطلاق مبادرة INDH، من خلال برنامج حافل وشعارات كبيرة تحتفي بما تحقق طيلة عقدين من الزمن، غير أن هذا الاحتفاء يدفعنا لطرح السؤال؛ ماذا حققت المبادرة لساكنة إقليم اليوسفية ..؟

وهل نجحت في خلق بيئة تنموية عادلة وشاملة ..؟

أم إنها تحولت  فقط إلى آلية لضبط الفعل الجمعوي واحتواء النسيج المدني؟

 

➖️تعليم متعثر وأمية متجذرة

رغم الجهود المبذولة في قطاع التعليم، لا تزال نسبة الأمية في إقليم اليوسفية تقدر بحوالي 33 % للبالغين 10 سنوات أو أكثر، وترتفع إلى ما فوق 42 % في العالم القروي، وهي نفس النسبة في صفوف إناث الإقليم في ذات المرحلة العمرية، بحسب التقرير الإحصائي الأخير للمندوبية السامية للتخطيط، والتي أكدت وجود نسبة تعليم ابتدائي لا تتجاوز الثلث، وتعليم عال شبه غائب، و وفقا لذات لتقرير فإن 30.3 % من السكان لم يتجاوزوا المستوى الابتدائي .. إذ، ترتفع النسبة إلى 32.6 % في الوسط القروي، وتبلغ لدى الذكور 33 %، مقابل 27.6 % لدى الإناث .. علاوة على ذلك، فالتعليم الإعدادي  يشمل فقط 16.5 % من مجموع السكان، مع تفاوت واضح بين نسبة 20.2 % في الوسط الحضري و14 % فقط في العالم القروي

أما التعليم الثانوي التأهيلي، فلا يتعدى 7.8 % من السكان، ولا يتجاوز 3.3 % في القرى، بينما يصل في الحواضر إلى 14.4 %، والمؤلم هو أن التعليم العالي لا يزال في أدنى مستوياته .. إذ، لا يمثل سوى 5 % من إجمالي السكان، من بينهم 9.3 % في الوسط الحضري، مقابل 2 % فقط في المناطق القروية، طبعا في غياب مشروع نواة  جامعية سمعنا عنها ولم نرها

➖️بطالة مقلقة وفوارق صارخة بين الجنسين

تشير الأرقام المضمنة في التقرير إلى أن معدل البطالة الإجمالي بإقليم اليوسفية بلغ حوالي 24.3 %، وهو معدل يفوق بكثير المعدل الوطني، ويؤشر على أزمة هيكلية في سوق الشغل .. وتتفاقم الوضعية أكثر في الوسط الحضري، حيث يبلغ معدل البطالة 32.6 %، مقابل 18.4 % في الوسط القروي

وتظهر المعطيات تفاوتا صارخا بين الجنسين .. إذ، تبلغ البطالة لدى النساء 36 %، مقارنة بـ 22.9 % بالنسبة للذكور، ما يعكس هشاشة وضعية النساء في سوق العمل المحلي، وصعوبة اندماجهن الاقتصادي، خاصة في غياب بدائل تشغيل حقيقية أو برامج إدماج مستدامة

➖️صحة في غرفة الإنعاش .. هشاشة الخدمات وإحالة المرضى على مدن أخرى

لن يختلف اثنان في إقليم اليوسفية حول عمق أزمة القطاع الصحي، التي لا تتجلى فقط في نقص عدد الأطر الطبية أو ضعف التجهيزات، بل في الغياب شبه التام للخدمات الصحية المتطورة، بحيث يضطر عدد متزايد من المواطنين، خاصة من ذوي الحالات المستعصية، إلى التنقل نحو مدينة مراكش قصد العلاج والتطبيب، في مشهد يؤشر على عجز المنظومة الصحية المحلية عن تلبية الحاجيات الأساسية للسكان، بالرغم من وجود جمعيات تنتسب للمستشفى اسما ورسما وتأخذ أموال المبادرة دون انعكاسها على أرض الواقع

➖الاحتجاجات الاجتماعية .. صوت الهامش في وجه التهميش

الواقع في هذا الشأن يؤشر على تدهور مستمر لمؤشرات التنمية البشرية .. إذ، لم تعد الاحتجاجات الاجتماعية في إقليم اليوسفية استثناء، بل تحولت إلى تعبير يومي عن اليأس والإقصاء .. فالمطالب الأساسية كالحق في التشغيل والصحة والعيش الكريم، تحولت إلى شعارات ميدانية في وقفات ومسيرات متكررة، كان أبرزها (حراك الكنتور)، الذي قاده شباب المنطقة للاحتجاج على ما وصفوه بـ(الظلم التنموي) والتوزيع غير العادل لمقدرات الإقليم

وتعبر هذه الحركات عن فقدان الثقة في السياسات العمومية المحلية، وضعف آليات الوساطة المجتمعية، في ظل تراجع أدوار المؤسسات المنتخبة والنسيج المدني، ما ينذر بتوسع رقعة الاحتجاجات إذا لم يتم اتخاذ إجراءات ملموسة تعالج جذور الأزمة، بدل الاكتفاء بالحلول الترقيعية

➖تساؤلات مشروعة

 

بعد عقدين من انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تم الترويج لها كمشروع نموذجي للنهوض بالعالم القروي والحضري ومحاربة الفقر والهشاشة، تبقى المؤشرات الرقمية والميدانية في إقليم اليوسفية دليلا واضحا على أن الطريق نحو تنمية حقيقية لا يزال طويلا، ورغم ما قيل عن مشاريع وعن أوراش، فإنها تبدو غير كافية في ظل غياب مقاربات شمولية ومندمجة، تتجاوز التدخلات الجزئية الظرفية

فهل ستشهد الذكرى العشرون وقفة تقييم حقيقية ..؟

أم ستظل المناسبة حبيسة الشعارات الاحتفالية دون مساءلة فعلية للأثر التنموي على الأ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق