رسالة موجهة إلى ...

من هي الدولة العميقة التي يعبدها البعض بدل اللـه يا عبدالعزيز أفتاتي ..؟!

AFTATI 2

 

بعد انكشاف وهم وجود التماسيح والعفاريت واتضاح العجز في تحمل المسؤولية العامة، بدأ الاشتغال على الوهم الأكبر وهو أن هناك دولة عميقة يجري نشر ديانتها التي يجب على المغاربة الالتزام بشعائرها بدل عبادة اللـه سبحانه وتعالى، و ماهي في الواقع إلا دولة المال والامتيازات والصناديق السرية التي يريد من يخوفون المغاربة منها حتى تظل وقفا مقدسا لهم فقط بعد أن كرست الدولة المغربية إيمانها بنظام الدولة الديمقراطية في الدستور الذي صوت عليه الشعب المغربي عقب الربيع المغربي الواعي والاستثنائي، الذي يريد من يوظف قيم العيش المشترك الروحية التي لا يجادل فيها المغاربة كبقية جميع الشعوب التي تطور إيمانها الديني إلى ما تعتنقه من أديان سماوية توحد اللـه سبحانه وتعالى، وتطبق ما جاءت به من نصوص دينية وتمارس شعائرها الدينية وفق إيمانها واعتقادها الطبيعي منذ أن دخلت هذه الأديان السماوية إلى مجتمعاتها ولازالت على هدي وشريعة ما نصت عليه، وما يميز بين قوانينها الوضعية وما تدعو إليه هذه الأديان السماوية.
إن ما ذهب إليه النائب البرلماني أفتاتي، يتعارض والمستوى البسيط الذي يجب أن يكون عليه اعتقاده الديني، حيث نعتبر من موقعنا في المستقلة بريس ما قاله افتاتي عن الدولة العميقة قمة في الوعي الديني الذي لا علاقة له بتاريخ التدين في الوطن الذي تفاعل فيه المغاربة مع جميع الأديان إيجابيا، وتدرج إيمانهم الديني بنفس الخطوات التي مرت منها بقية الشعوب الأخرى، وإلى اليوم لايزال هذا الإيمان الديني يشكل العقل الجمعي الذي يوحدهم ويكرس هويتهم الروحية المقدسة التي تترجم أحد توابثهم الحضارية التي أثرت على وجودهم التاريخي في المغرب.
لن نساير افتاتي في اعتباره الدولة العميقة أكثر قداسة من ديانة الأغلبية التي تتمسك بعقيدتها الإسلامية التي توحد اللـه سبحانه وتعالى ولاتعتبر أن ما دونه هو الذي يستحق العبادة، وترى بإيمانها الطبيعي العفوي أن حياتها نعمة من هذا اللـه الذي لا شريك له، والذي جاء الإيمان به تبعا لما لا يختلف عليه المغاربة منذ بداية الاستقرار البشري عقب العصر الجليدي في هذه المنطقة من الشمال الإفريقي المغربي، التي عجزت الإمبراطوريات القديمة والحديثة على مسخ حضارة سكانها التي تحمل جينات الحضارات المجاورة التاريخية التي وصلت إليها بعناصرها الإفريقية والصحراوية والعربية والأمازيغية والأندلسية، وبثقافتها الدينية الوثينية والسماوية التي امتزجت فيها مقومات الحضارة الشرقية والعربية الفنيقية والوندالية والرومانية والإسلامية والأوربية الحديثة، ولم يتوقف تفاعل المغاربة الحضاري إلى اليوم لإيمانهم الدائم بالتواصل والتعاطي الإنساني الإيجابي والمحافظ على الهوية المجتمعية الحضارية المستقلة والمتميزة.
إننا في المستقلة بريس، نسائل النائب البرلماني عن هذه الدولة العميقة التي حولها إلى ديانة للعبادة بدل اللـه سبحانه وتعالى ..؟ وهل يجوز المقارنة بين حرمة الذات الإلهية والدولة العميقة المخلوقة والمصنوعة ..؟ وهل وصل الخوف من هذه الدولة العميقة الوهمية إلى هذا الاعتقاد الديني الوثني المخيف الذي لا يوجد إلا في ذهن من يؤمن به ولا يؤمن باللـه سبحانه وتعالى ..؟
لسنا في المستقلة بريس ملزمين بمناقشة النائب افتاتي عن خلفيات إيمانه بهذا المعتقد الوثني المرضي، فهذا يخصه ولا حاجة لنا إلى التعمق فيه لانعدام وجوده المادي الذي يكذبه الواقع الذي أصبح عليه الوطن في ظل الثورة الديمقراطية الحديثة، التي يقودها جلالة الملك محمد السادس التي فازت فيها الدولة المغربية باحترام الأعداء قبل الأشقاء، والتي تشكل نموذجا متقدما على المستوى القاري والجهوي والدولي، والتي نتطلع جميعا إلى أن تنتصر على جميع التحديات التي تواجهها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بواسطة رأسمالها المادي واللامادي الذي تمتلكه منذ ولادتها على هذه المنطقة الجغرافية في المغرب العربي وشمال غرب إفريقيا.
وما يمكن أن نختم به هذه الدردشة مع افتاتي هو دعوته إلى التريث في التعبير عن قناعاته الشخصية وإصدار الأحكام الجاهزة التي لا يملك الحق فيها لوحده في المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق