للمستقلة رأي

ما هذه الهرولة نحو حركة العدل والإحسان ياأحزاب اليسار ..؟

MOUNIB 1

أن يكون حزب النهج الديمقراطي متعاونا وحليفا مع جماعة العدل والإحسان فهذا ممكن، نظرا لطبيعة توجهه الجذري الاشتراكي والمتطرف الذي يلتقي مع تطرف الجماعة الملتزمة بالاختيار المذهبي لشيخها ومؤسسها الراحل عبد السلام ياسين في توجهه السني الحنبلي الأصولي المتطرف المناهض للديمقراطية والعلمانية والحداثة .. أما أن تهرول الأحزاب اليسارية الاشتراكية الديمقراطية نحو الجماعة التي ترفض العمل السياسي الديمقراطي وتبني النشاط الحزبي السري ولا تعترف بالدولة الحديثة التي تديرها المؤسسات الديمقراطية الدستورية، وتقترب عقيدتها من المرجعية الإخوانية التي انتفضت في مصر وتدعو إلى القومة على المجتمع والدولة، بعيدا عن الوسطية الدينية الشورية المستنيرة .. فهذا قمة العبث الحزبي والسياسي والديمقراطي، اللهم إن كانت قيادتي حزبي “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” و”الاشتراكي الموحد” تبحثان عن التصعيد والهروب إلى الأمام في نضالهما الديمقراطي المؤسساتي والدستوري، وتريدان لفت أنظار المناضلين الغاضبين في صفوفهما أو الذين جمدوا عضويتهم، بإن الحزبين قادرين على التحالف مع الشيطان من أجل ترجمة المرجعية الإيديولوجية التي توجههما وإثارة انتباه الأغلبية البرلمانية التي يقودها حزب العدالة والتنمية بإمكانية النضال بنفس المرجعية الدينية التي يتبناها الحزب الأغلبي في المشهد السياسي الوطني.

ما يحرضنا على المناقشة لحدث الهرولة هو الأهداف المعبر عنها، كما جاء في جريدة “الوطن الآن” التي تستحق التنويه على تناول هذا الموضوع في هذه الظرفية قبل موعد الانتخابات التشريعية المقبلة .. فنحن في المستقلة بريس لم نفاجأ بمثل هذه المحاولات في إنجاز مثل هذه التحالفات بين الأحزاب اليسارية والإسلامية والتي لا تصل إلى التحالفات الاندماجية والنضالية لتباين قناعة القواعد في هذه الأحزاب التي لا تستطيع القيادات إجبارها على ترجمة هذه التحالفات، سواء في المعارضة أو الأغلبية أو في الحكومة، وإن كان حزب التقدم والاشتراكية قد جسد هذا التحالف مع حزب العدالة والتنمية في الحكومة والأغلبية البرلمانية الحالية، فإن هذا التحالف لم يحظ بثقة مناضلي حزب التقدم والاشتراكية، حيث يوجد تيار حزبي يعارض الاستمرار فيه .. وبالتالي، فإن مشروع التنسيق والتحالف الذي يمكن أن يكون بين حركة العدل والإحسان وحزبي “الاشتراكي الموحد” و “الاتحاد الاشتراكي” اللذين لا زالت قيادتيهما تتوعد خصومهما من الإسلاميين واليمين الليبرالي بالجحيم في الانتخابات البرلمانية المقبلة، كما يتوهم رئيس الحكومة في حزب العدالة والتنمية هو الآخر بالحصاد الانتخابي.

إننا في المستقلة بريس نعرف ونعتبر تحرك اليسار المشارك في العملية الديمقراطية نحو جماعة العدل والإحسان سلوكا طبيعيا في أداء القيادات الشعبوية التي تؤمن بالفوضى وقلب الطاولة والخروج عن المألوف لإبراز مؤهلاتها أمام خصومها في تنظيماتها وأجهزتها المقررة، أم أن تكون فيه الأمينة العامة لحزب “الاشتراكي الموحد” الأستاذة الجامعية، فهذا تجسيد ملموس للخريف المبكر للقيادات الممارسة للسلوك الدكتاتوري والسلطوي في أحزابها، كما يحاول أن يعبر عن ذلك الكاتب الأول لحزب “الاتحاد الاشتراكي” ضد خصومه في التيار الديمقراطي الذي كان قريبا من عقد مؤتمر حزبه “البديل الديمقراطي” .

ما يمكن أن نفسر به هذه الهرولة الاستباقية هو أنها محاولة يائسة من قيادتي الحزبين اليساريين الديمقراطيين لخلق البلبلة في صفوف مناضلي حزبيهما لتلميع الوجود الشخصي، وادعاء الالتزام بالنضال الثوري، وترهيب بقية الأحزاب في المشهد السياسي الوطني بإمكانية التحول إلى المعسكر المناهض للديمقراطية وقوانينها ومؤسساتها، وإرسال الإشارة إلى من يهمه الأمر كما كان يفعل المرحوم عبد السلام ياسين في رسائله .. وهذه شطحات حزبية مفضوحة توضح سطحية الوعي المرحلي وغياب الحوار مع المناضلين والتصعيد السياسي الذي يفتقر إلى الشرعية في مضمونه النظري والنضالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق