أخبارمنبر حر

خـــاطرة / اعتداء خطير على الصحفي يوسف الإدريسي من طرف الشرطة باليوسفية

SAFI SAF

*يوسف الادريسي

ما عهدته منذ طفولتي أني لن أخرج يوما من مصالح الأمن الوطني مبتسما وكلي سرور، ولن أتوجه إليها وأنا منشرح الصدر .. ابتدأت قصتي في المعاناة لما يزيد عن أسبوع عندما ركبت رقم 19 للاتصال بالمقاطعة الأمنية بمدينتي اليوسفية قصد إخبارهم بحادثة سير لم تخلف خسائر مادية أو بشرية .. رنات الهاتف ترن دون إجابة، تكرّر الأمر أكثر من عشر مرات والنتيجة إرغام الأقدام على التوجه نحو المصلحة لتمثل مفهوم القرب عند مؤسسات وطننا الحبيب، ساعة و نيف بعد الإخبار التحق بنا أفراد الأمن لمعاينة الحادث والأضرار بنظرات ثاقبة دون استحضار نفسية الأطراف المتضررة إلى درجة إحساسنا بجرم ارتكبناه ونحن لم نرتكبه.

إلى هنا الأمر عاد، ففي صباح يوم الغد ذهبت شخصيا كما طلب مني إلى المصلحة، حيث تستقبلك يافطة مزركشة تبشرك بأن ” الشرطة في خدمتكم” قبل أن أتأكد أن هذا الشعار هو شعار غير سليم، إذ تقدمت بتنازل خطي رفقة الشخص المعني بالأمر بغية استصدار رخصة السياقة وإتمام الإجراءات، غير أن المفاجأة كانت صادمة حين طلب مني الموظف وزميله الذي كان يحادثه بالمكتب المقابل الانصراف إلى يوم آخر، مبررا ذلك بما أسماه المداومة والإرساليات وأشياء أخرى لم أفهمها، لم أستسغ الأمر فأجبته بأدب واحترام ينسجمان مع هيبة المؤسسة الأمنية، كوني غير مسؤول عن تدبير الموارد البشرية بالمصلحة وبأني مجرد مواطن يريد استصدار رخصة السياقة بعد تضمين المحضر للتنازل الموثق إداريا وحضوريا كما ينص على ذلك القانون .. ردّي نزل كالصاعقة على الموظفين اللذين طرداني من المكتب قبل أن يحتجز هاتفي النقال حين هممت بالشكوى، ادعاؤهما في ذلك تسجيل المحادثة التي اتضح فيما بعد أن الاتهام كان توهما.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، ولم يشفع لي ترددي المتكرر على المصلحة التي كنت أقابل، كل مرة أقف عند بابها، بجفاء منقطع النظير، بل وصل الأمر إلى حرماني من رخصة السياقة إلى حدود كتابة هذه الخاطرة، إلى درجة أني قررت وأنا في كامل قواي العقلية والبدنية الاستغناء عن هذه الوثيقة، احتجاجا على مصادرة حق تكفله لي القوانين الوضعية والنواميس الكونية ..!

لا أخفيكم سرا كوني أحسست بالدونية في وطني وباستلاب فظيع لهويتي المغربية وكأنني آت من كوكب المخلوقات الشريرة، لكن في ذات الوقت أدركت أسباب وبواعث أولئك الذين يحرقون أجسادهم أمام المؤسسات العمومية، كما أيقنت أن هناك دوافع موضوعية لظاهرة التعنيف الانتقامي التي ابتلي بها مجتمعنا للأسف، فضلا عن القول بأن لحظة اختيار شبابنا لوجهة سوريا والعراق تبتدئ من أمام المؤسسات العمومية، حيث تُنتهك أبسط الحقوق وبطريقة لا تمت للآدمية بصلة.

*مناضل بالنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق