أخبارمجتمع

تاونات: مسيرة أهالي دوار البازلة تحت دوافع العطش تفضح الإدعاءات و تسقط الأقنعة

LES ANS

 

عبد اللـه عزوزي

مشهد ساكنة تخرجُ عن بكرة أبيها مُمتطيةً الدواب و الحمير، المجهزَةِ بالبراميل الفارغة، مُنطلِقةً من دوار البازلة، التابع إداريا لجماعة عين عائشة، قاصِدةً عمالة الإقليم ، في يوم رمضاني شديد الحرارة و بتزامن مع صلاة يوم الجمعة، يمكن أن يكون أمراً مألوفاً في مكان شرقي و صحراوي من خريطة المملكة التي رفعت في وقت ما من ماضيها الذهبي شعار “بناء السدود و حماية الحدود”، لكن أن يشكل لهذا المشهد بتاريخ اليوم الجمعة 04 رمضان 1437، الموافق

ل 10 يونيو 2016، فهو أمر يدل على أن الإقليم يعيش وضعا كارثيا، و أن الشعارات التي ما فتئت تُرَوِّجُ لها المجالس المنتخبة هي شعارات كاذبة، و أن كواليس التسيير تنبعث منها روائح كريهة و قَيْحٌ يُحَوِّلُ الغنى الطبيعي للإقليم الذي يزخر بعدة سدود و تشقه طولا و عرضا عدة أودية و تؤثثه عدة منابع مائية، يخرج ماؤها عذبا زللا بين الصخور و السفوح
اليوم انطلقت من دوار البازلة، أربع كيلومترات شمال-شرق المركز القروي لعين عائشة، مسيرة قُدِّرَ عدد المشاركين فيها بما يزيد عن 100 فرد، يمتطي بعضهم حوالي ثلاثين حيوانا ما بين دابة و حمار، وتوجهت صوب عمالة إقليم تاونات بهدف إسماع صوتها و لفت الانتباه لمعاناتها مع العطش، خصوصا و أن العطش بلغ ذروته و فصل الصيف لم ينطلق (21 يونيو) زمانيا بعد.
أحد الفاعلين المدنيين بتراب جماعة عين عائشة أكد أن مَرَدُّ هذه المعاناة يرجع بالأساس إلى الفساد الذي راكمه “التسيير” بذات الجماعة، و المتسم بالإستبداد و استغلال النفوذ المالي و أمية الكتلة الناخبة المُنْهَكَةِ بالفقر و قِلَّة ذات اليد. كما أوضح المصدر ذاته أنه رغم كون الدوار وصلته قنوات الربط بشبكة الماء الصالح للشرب إلا أن هناك تَلَكُّأً في تسريع و وثيرة الربط و تمكين الساكنة من سقايات عمومية، و لما لا عدادات فردية.
كما أفاد المتحدث نفسه بأن المكتب المسير للجماعة مَثَلُهُ كمَثَل اللقلاق الذي أراد أن يطعم أحد فراخه، فإذا به يصيبه في بؤبؤ عينيه، مُسَبِّباً له في العمى الدائم . هذا ما حصل بالضبط مع المنبع المائي الوحيد المسمى “بعين البازلة”، والذي بادر المكتب إلى القيام ببعض أشغال الصيانة لفائدته، حيث عجل “الإصلاح”، المُفْتَقِدُ للمواكبة و المتابعة، بجفاف المنبع بشكل كامل تقريبا.
يذكر أن أحد أكبر المشاريع التي حملتها الزيارة الملكية الأولى و التاريخية لإقليم تاونات، في نونبر 2010، كان مشروع تزويد ساكنة الإقليم بالماء الصالح للشرب. مشروع أُنْفِقَتْ عليه، فعلا، أموالاً باهظة، غير أنه بعد مرور حوالي سِتِّ سنوات على تلك الزيارة، التي كان يُمكن لها أن تغير وجه الإقليم لو وجدت رجالا صادقين، يبدو أن ما تم إنفاقه من ميزانية المشروع قد ذهب هباءً منثوراً يستحيل جمع فتاته.
هذا، و يُرَجَّحُ أن تعم إقليم تاونات مسيرات أخرى من هذا النوع على اعتبار أن الماء يبقى الغائب الأكبر في إقليم تحول إلى مجموعة بِرَكٍ راكدةٍ، و راكدٌ ما حولها. غياب قد يحول حياة الإقليم إلى موت في غياب مادة قال عنها الله سبحانه “وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ”.
فماذا أعدت السلطات المحلية و المنتخبة، يا ترى، لمواجهة شبح موت الساكنة التاوناتية من شدة العطش، أم أنه بحلول شهر أغسطس، ستكون تراجيديا إقليم تاونات مع الماء و العطش قد احتلت الصفحات الأولى لكل الجرائد الوطنية، و لربما الدولية كذلك ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق