منبر حر

التنمية البشرية صناعة إسلامية بهوية غربية

 

عبد الإله رشيق

نتيجة لما ي%d8%b4%d9%8a%d9%82عرفه العالم من تحولات وتغيرات مستمرة نحو الأفضل، ومع الاكتشافات التي أصبحت متتالية، فإننا لاحظنا التأثر الكبير للشباب العربي والإسلامي بعلوم التنمية البشرية الغربية والمستشرقة، إضافة إلى التأثر برواد هذا المجال، من طينة “جيم رون ” و “ستيفن كوفي” و ” ديل كاريجي” و “توني بوزان” وآخرون، لكن السؤال المطروح، هل حقا ظهور علوم التنمية البشرية بزغ فجره مع “نابليون هيل” بعد الحرب العالمية الثانية وهل يعتبر” نابليون هيل” هو مؤسس هذه العلوم كما يسوق لنا.

إن الغربيين مع مجموعة كبيرة من العرب والمسلمين يعتبرون أن نابليون هيل هو المؤسس الفعلي لعلوم التنمية البشرية، في حين أن من الجلي بنا أن نبحث للتأكد هل حقا ظهور هذا العلم تزامن مع الحاجة الجامحة للدول بعد ما أصابها من ويلات ونكسات بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

إن من خلال هذه المقالة نود بمعيتكم أن نحاول النبش بين الماضي البعيد والقريب وأيضا الحاضر، وذلك للجزم حول أصول علوم التنمية البشرية، إن من بين أهم المواضيع التي يهتم بها مجال التنمية البشرية نجد قانون الجذب، أيضا نجد فنون القيادة إضافة إلى مهارات التفوق الدراسي والتي منها الخرائط الذهنية، سأقتصر على هذه العناوين الثلاث، و ذلك من أجل مقارنة جد بسيطة بين الماضي البعيد و الماضي القريب في هذا المجال، إنك و بمجرد طرح سؤال من مخترع قانون الجذب، وهل حقا هو قانون من قوانين القرن الواحد و العشرين، الإجابة أكيد لا ثم لا، لأنه و من المرجح أن يكون قد استعمل هذا القانون منذ عهد المصريين القدامى أو اليونانيين القدامى، إلا أنه من بين العوامل التي من الممكن أنها ساهمت في عدم الاعتراف بوجوده منذ تلك الآونة هو عدم تدوينه، لكن و مع بزوغ الإسلام أصبح لدينا قانون مدون بالكتاب و السنة في الديانة الإسلامية .. و بالتالي، سنفند أن ظهور هذا القانون هو وليد القرن الحالي، أو أن ظهوره مقترن بظهور البرمجة اللغوية العصبية، وأول الأدلة، ففي حديث قدسي قال رسول الله عليه أفضل الصلاة و السلام قال الله عز وجلٌ ( أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرا فله، و إن ظن شرا فله)، و هذا الحديث هو ملخص لقانون الجذب منذ أكثر من 1430 سنة، و إذا ما بحثنا في الأحاديث النبوية سنجد مجموعة ليست بالهينة من الأحاديث التي تتحدث عن أهمية التفاؤل و التفكير الإيجابي في الحياة .. و بالتالي، اليوم نجزم أن قانون الجذب ليس وليد القرن العشرين أو القرن الواحد و العشرين، بل جذوره متشعبة من دين التوحيد، و بالمرور إلى ما يعرف بفن القيادة فهو أيضا نال نصيبا من كونه ظهر في عهد العصور السالفة .. و خصوصا، في المجال العسكري، و قد نجد مجموعة كبيرة من كتب لا تعد و لا تحصى التي تتحد عن صفات القواد و مميزاتهم، و بعدها جاء الإسلام في عهد الرسول الكريم عليه أفضل السلام ليمنحها صبغة أكبر و إخراجها من النفق الضيق العسكري، مبرزا مبادئ هذا الفن أو هذه الميزة التي لم يتميز بها فقط الجنس البشري، لأن الجنس البشري تميز فقط بهذه المبادئ، حيث أصبحت القيادة فالمعاملات اليوم من سفر و اجتماع و سياسة، إضافة إلى مجالات أخرى، والأدلة من الكتاب والسنة كثيرة، منها قول رسول الله محمد عليه السلام (إذا خرج ثلاثة في سفر، فليؤمروا عليهم أحدهم)، أما مصطلح القيادة فقد اختلف الاسم من عصر لأخر ومن أيديولوجية لأخرى، على سبيل المثال، ففي الإسلام نجد مصطلح الخلافة و أيضا الإمارة، و في الدولة الحديثة التي تتبنى إيديولوجيات أخرى نجد مصطلح الرئاسة، في حين لدى القبائل نجد مصطلح الزعامة و السيادة، في حين أن بعض الجماعات تعتمد مصطلح المرشد، رغم اختلاف هذه المصطلحات إلا أن التعريف يبقى واحدا، أما مهارات التفوق الدراسي، و منها نشق فقط تقنية الخرائط الذهنية و التي نسبت إلى شخصية توني بوزان سنة 1942 ميلادية، في حين أن أول من استعملها كان رسول الله في تعليمه لأصحابه الكرام رضوان الله عليهم اجمعين، وقد وظف الرسول صلى الله عليه وسلم الخريطة الذهنية في تعليم صحابته الكرام؛ عندما رسم لهم خطاً مستقيماً وقال هذا سبيل الله. وخط خطاً عن يمينه، وخطاً عن شماله، وقال هذه سبل الشيطان. \”.

من خلال هذه المجموعة من الأمثلة و التي من المؤكد أنها إن دلت على شيء فهي تدل على قدم علوم أو مجال التنمية البشرية و البصمة الإسلامية الخاصة بها، إضافة إلى رفع اللبس عن مجموعة من الحيثيات التي من المؤكد ستلفت الانتباه إلى أن جل من ولجوا هذا المجال و نسبوا تأسيسه لأنفسهم هم فقط مجددون لهذه العلوم، أو الأكثر من هذا فقط بلورتها على مقياس هذا العصر لتوافق التطور التكنولوجي الذي عرفته البشرية عبر كل الأزمان، إن هذه المقالات هي تعتبر فقط حافزا للبحث في مجموعة من المجالات والتي سبق للإسلام أو سبق للعصور القديمة الحديث عنها .. و بالتالي، يجعلنا دوما طرح السؤال على كل اكتشاف، من اكتشف ..؟ على ماذا اعتمد في أبحاثه ..؟ ولماذا ..؟

في الختام، أود أن أؤكد شيئا واحدا هو أن مقالي هذا لا يفند أحقية أحد عن غيره، بل هو فقط يسدل الستار عن بعض الحقائق التي من المحتمل أن بعضنا يعرفها والبعض الأخر يجهلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق