البيانات

تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان حول انتخابات7 اكتوبر 2016

%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d9%83%d8%b2

تابع المركز الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب الانتخابات التشريعية عبر تكوين مجموعة من الملاحظين بعدة مدن كبرى والأقاليم التابعة لها للسهر على مراقبة عملية الانتخابات والخروقات التي قد تشوبها.

– ونظرا للدور الأساسي الذي تلعبه وسائل الإعلام خلال كل مراحل المسلسل الانتخابي، فإن المركز كلف خلية برصد الصحافة المكتوبة بمختلف أنواعها لتتبع المرحلة الانتخابية قبل بداية الحملة إلى غاية انتهائها، وعلى ضوء مستنتجات التحاليل الإحصائية للمعطيات ومجمل التقييمات التي وردت على مختلف لجان ملاحظي المركز.

– توصل المكتب التنفيذي للمركز الوطني لحقوق الإنسان بتقارير من قبل لجانه حول رصد الخروقات بكل موضوعية، ودون تحيز لأي جهة سياسية، وعمل على تجميع هذه التقارير الفرعية في تقرير عام وموحد متضمن لمختلف الخروقات بشكل مفصل.

وفي هذا السياق، فإن المركز الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب يعلن للرأي العام الوطني مايلي:

– ملاحظات المركز ما قبل الحملة:

– استغلال مجموعة من السياسيين للأشغال والمشاريع الجارية في بعض المدن والأقاليم واستخدام وسائلها وأملاك الجماعات المحلية والمجالس الإقليمية في القرى والبوادي في حملات انتخابية سابقة لأوانها.

– انتشار البناء العشوائي قبل بدأ الحملة إلى غاية انتهائها والتغاضي عن المخالفين من طرف بعض رؤساء الجماعات والبلديات ضدا على ما يمليه القانون، في ظل غياب السلطات التي اكتفت بالمشاهدة.

– عدم التزام بعض الأحزاب بمبدأ الديمقراطية الداخلية وانتهاجها لمنطق المحسوبية، وذلك عن طريق منح التزكيات للأعيان والوجهاء وذويهم مستعملة المعيار المالي، فيما تم إقصاء الكفاءات الشابة والمناضلة داخل هذه الأحزاب.

– تزكية بعض الأحزاب لوجوه سياسية، معروفة بالترحال السياسي، متورطة في قضايا الفساد ونهب المال العام وسوء التدبير لها، متابعات أمام القضاء بالإضافة إلى ملفات أخرى في طور التحقيق.
– منع أحد المرشحين السلفيين من التقدم للانتخابات من طرف الداخلية لادعاءات معللة في قرار المنع لم يبت القضاء فيها من قبل ولا من بعد، مما يعتبر شططا في استعمال السلطة ومصادرة لحقوق المواطنين المكفولة دستوريا والمنصوص عليها دوليا، فيما تم قبول مرشحين متابعين أمام القضاء بتهم الفساد ونهب المال العام وتزوير محاضر والاغتناء غير المشروع.
– تصريحات تشكيكية وتهديدية في بعض الأحيان لبعض قيادات الأحزاب لوسائل الأعلام في نزاهة الانتخابات والتباكي في الخطابات التجمعية واستغلال المشاعر الدينية لكسب ود الناخبين في حملة سابقة لأوانها.
– ملاحظات المركز أثناء الحملة:

– تعنيف الدولة للأصوات المقاطعة للانتخابات والمناهضين لخطة التقاعد مما خلف إصابات متفاوتة الخطورة والتضييق على بعض الصحفيين وعدم احترام حرية التعبير المنصوص عليها دستوريا والمكفولة طبقا للمواثيق الدولية والبروتوكولات الملحقة بها.

– توجيه الرأي العام نحو قطبية حزبية عن طريق تسخير بعض المنابر الإعلامية تابعة لها وهو ما يشكل مساسا خطيرا بمبدأ التعددية الحزبية المنصوص عليه دستوريا، وشبه انعدام استعمال اللغة الأمازيغية في التجمعات الحزبية وانتهاج خطابات تمييزية.
– استغلال بعض الأحزاب السياسية للأطفال القاصرين في حملاتها الانتخابية، مما يعد خرقا سافرا للمواثيق الدولية والبروتوكولات الملحقة بها: (المادتين 16 و19 من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل 20 نونبر 1989 والبروتوكول الإضافي في ماي 2000)

– تورط معظم الأحزاب المغربية في سلوكيات عنيفة لفظية امتدت في بعض الأحيان إلى اعتداءات جسدية، حيث اتسم الخطاب السياسي بالعدوانية وتحقير الخصوم، خاصة بين أحزاب الأغلبية والمعارضة، وفي عدد من الحالات داخل الكتلتين.

– تأثير بعض الأحزاب التي تشتغل بمنطق المعاقل، محتكرة أصوات ناخبي مناطق معينة، في مشهد خارج عن مبادئ حق المواطنين في اختيار من يمثلهم، وبعيدا عن منطق البرامج، ومعالجة متطلبات الساكنة، وقد تسبب هذا المنحى الذي يعكس الفراغ المعرفي بدور المنتخب في نشوب نزاعات بين مناصري الأحزاب المنافسة إبان الحملة الانتخابية.

– مازال المال السياسي يتبوأ مكانة خطيرة في العملية الانتخابية، وخصوصا على مستوى المدن الكبرى والمتوسطة والأقاليم، فيما اشتغلت ماكينة النفوذ والنزعة القبلية بالبوادي والأقاليم الصحراوية وبعض المدن العتيقة.

– إقحام عناصر من أعوان السلطة في الدعاية لحزب معين والتأثير على المواطنين للإدلاء بأصواتهم لفائدته مصادرين حق المواطنين في اختيار من يمثلهم ضاربة بعرض الحائط القوانين الجاري بها العمل.

– استعانة بعض المرشحين بذوي السوابق العدلية لترهيب خصومهم السياسيين والضغط على الناخبين للتصويت لفائدتهم، مما أسفر عن نشوب حالات عنف جسدية خطيرة، وصلت لجناية قتل أحد الأشقاء لأخيه بسبب اختلافهما حول توجهاتهما الحزبية أثناء الحملة بدوار أولاد خيي التابع لجماعة سيدي التيجي بإقليم آسفي.

– إرسال بعض المرشحين رسائل استعطافية متتالية لهواتف الناخبين لحثهم على التصويت لفائدتهم، مما يطرح أكثر من سؤال عن المصدر الذي مكنهم من الحصول على أرقام هواتف المواطنين المتواجدين بدائرتهم الانتخابية.
– ملاحظات المركز يوم الاقتراع
– ضعف إرشاد نسبة مهمة من المواطنين لمكاتب التصويت، مما حال دون إدلائهم بأصواتهم، فيما شهدت بعض مكاتب التصويت تكليف ممثلين عن بعض الأحزاب بالمهمة، مما يشكل خرقا تنظيميا يمس بنزاهة الانتخابات.
– عدم نزع الملصقات الدعائية لعدد من الأحزاب السياسية من الأعمدة الكهربائية والفضاءات العامة في الآجال القانونية المحددة، إذ استمر بعضها إلى يوم الاقتراع في الساحات العمومية، وكذلك المطبوعات الانتخابية متناثرة في الشوارع العامة وأمام مكاتب التصويت.

– تساهل السلطات العمومية في التعاطي مع الخروقات التي تقف وراءها بعض الكائنات الانتخابية دون غيرها ضد القوانين والتعليمات التي تحث على ضرورة ضمان انتخابات نزيهة وشفافة والتعامل مع المخالفين بحزم وصرامة.
– لم تكن غالبية مكاتب التصويت مهيأة لاستقبال الناخبين من ذوي الاحتياجات الخاصة، مما حال دون ولوجهم إلى مكاتب الاقتراع، خصوصا في الأقاليم الصحراوية والقرى.

– منع مجموعة من الملاحظين الولوج إلى مكاتب التصويت من قبل رؤساء المكاتب والسلطات، وعدم إرشادهم إلى المكاتب الأخرى خصوصا المتواجدة في البوادي.
– ظهور أعوان السلطة بعد زوال يوم الاقتراع لحث المواطنين على التوجه إلى مكاتب التصويت للإدلاء بأصواتهم وفي بعض الحالات تم إرغامهم قسرا.
– غياب الأمن في غالبية مكاتب التصويت يوم الاقتراع، مما ولد انطباعا بتبني السلطات الحياد السلبي، إزاء المناوشات والصدامات التي جرت بين أنصار الأحزاب المتنافسة، نتجت عنها إصابات خطيرة.
– عدم إشراك مغاربة الخارج والمهاجرين واللاجئين والسجناء غير المجردين من حقوقهم المدنية والسياسة والمعتقلين الاحتياطيين.

• إستنتاجات المركز الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب حول النتائج المحصل عليها من حيث الأرقام والعوامل المساهمة في تدني نسبة المشاركة

– شهد المغرب يوم 7 أكتوبر2016، انتخابات تشريعية، انتهت بفوز حزب العدالة والتنمية، لكنها أكدت معطى رئيسيا وهو استمرار عزوف المغاربة عن صناديق الاقتراع، بحيث أن نسبة المشاركة “الرسمية” لم تتعد 43 %، وهي نسبة لا تستجيب للمعايير الدولية، بينما نسبة المقاطعة الحقيقية هي أكبر بكثير.

وكانت نسبة المشاركة حتى الساعات الأولى من يوم الانتخاب محدودة، وارتفعت كالعادة في الساعتين الأخيرتين بشكل مثير للغاية، ذلك أن نسبة المشاركة التي هي 43 % قائمة على لوائح الدولة المغربية، المتمثلة في 15 مليون مسجل، بينما النسبة الحقيقية للمغاربة الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات يقارب 26 مليون بحكم أن كل مواطن فوق 18 سنة يحق له التصويت، وإذا بحثنا عن النسبة الحقيقية انطلاقا من قاعدة من يحق لهم التصويت ستكون نسبة المشاركة ما بين 22 % إلى 27 % في أحسن الحالات. ويضاف إلى هذا نسبة الأصوات الملغاة التي تناهز تاريخيا 5 %، وهي من أعلى المعدلات في العالم .

ونسبة المشاركة هذه، سواء الرسمية التي تقدمها الدولة المغربية أو القريبة من الواقع السياسي للمغرب لا تؤكد فقط ضعف مشاركة المغاربة في الانتخابات، بل تبرز غياب المعايير الدولية لقبول ولو معنويا الانتخابات ونتائجها وهي ضرورة تجاوز 50 % من المشاركة، أي الأغلبية العادية والبسيطة.
– نسبة المشاركة الحقيقية في الانتخابات المغربية تتراوح ما بين 22 % و 27 % فيما نسبة 43 % التي تقدمها الدولة تجعل الانتخابات التي جرت يوم 7 أكتوبر 2016، لا تستجيب للمعايير الدولية، لأنها لم تحقق نسبة 51 %، أي نسبة الأغلبية التي تمثل الشعب المغربي، وسيكون البرلمان الذي سينبثق عن هذه الانتخابات، من الناحية المعنوية، فاقدا للمصداقية، لأنه لا يمثل إلا ربع الشعب، كما ستكون أي حكومة جديدة فاقدة لمصداقيتها المعنوية، لأن الحزب الأول لا يتجاوز 7 % من أصوات المغاربة الذين يحق لهم التصويت.
ويبقى الخطير هو نظام اللوائح الانتخابية، ففي الدول التي تحترم المواطن يتم تسجيل كل مواطن بلغ سن 18 سنة في اللوائح الانتخابية دون تقدمه للتسجيل، بل فقط اعتمادا على شهادة سكناه، ولهذا عندما تتحدث إسبانيا عن نسبة المشاركة وتكون مثلا 74 %، فهي تعني نسبة المشاركة لكل من يحق له التصويت من الشعب الإسباني.
وتجهل الأسباب التي تجعل الإدارة المغربية مستمرة في الاعتماد على نظام غير مناسب بالمرة.
ومن المفارقات الدالة على ضعف نسبة التصويت رغم الإحصائيات الرسمية هو أنه لا يوجد أي شريط مصور أو صورة تبرز وجود ولو طابور صغير مكون من عشرة أشخاص ينتظرون دورهم للتصويت، عكس الانتخابات في الدول الأخرى ومنها القريبة منا مثل إسبانيا والسنغال وتونس، حيث طوابير تتجاوز الخمسين شخصا أحيانا.
– إشراف شخصيات تثير النفور السياسي على الانتخابات، وإن هذا كان عاملا ثانويا للغاية، مثل حالة وزير الداخلية محمد حصاد الذي برر عمليات فساد خطيرة مثل فضيحة خدام الدولة، وكذا انتهاج منطق التباكي لدى وزير العدل مصطفى الرميد على صفحات التواصل الاجتماعي وهو يشكك في الانتخابات.

– إن بعض الأحزاب التي أظهر تقييم العملية الانتخابية تورط مرشحيها في خروقات خطيرة، خاصة تلك المتعلقة بشراء ذمم الناخبين بالإغراء والارتشاء وعبر استعمال البلطجية وتعنيف الخصوم هي ذاتها التي يتباكى قياديوها على عدم نزاهة الانتخابات، مما يعد استخفافا بوعي المواطن المغربي.
– حكم المغاربة المسبق بفساد الكثير من المؤسسات وغياب الكفاءة، حيث يقيمون هذه الانتخابات على ضوء نتائج التعليم والصحة والأمن والبطالة وهي قطاعات شهدت تراجعا خطيرا خلال السنوات الأخيرة.

– غياب ثقافة وتقاليد التصويت لدى شريحة هامة من المغاربة، ضعف إيمان فئة الشباب بالمؤسسات التشريعية اعتقادا منهم أنه مهما كانت إرادة التغيير ومهما كان زجاج الصناديق شفافا ففكرة التزوير وتزييف النتائج راسخة في عقلية الكثير من المغاربة.
– انفراد وزارة الداخلية بإدارة الانتخابات بدل لجنة وطنية مستقلة تشرف على عملية الانتخابات يعد خرقا للمنهج الديمقراطي المتعارف عليه دوليا، وعدم اعتماد البطاقة الوطنية في التصويت يحرم ملايين من المواطنين من المشاركة في العملية الانتخابية ويفتح المجال واسعا لتزوير الإرادة الشعبية، ناهيك عما يشوب الانتخابات من خروقات قبل الحملة وفي خضمها من استعمال المال واستغلال المشاعر الدينية للمواطنين من قبل بعض الأحزاب من أجل كسب تعاطف الناخبين .

• خلاصة عامة
• نظرا لهذه التجاوزات والخروقات السافرة للقوانين المعمول بها في ظل عدم تدخل السلطات واللجنة المشرفة على الانتخابات، فإننا نسجل في المركز الوطني لحقوق الإنسان ضعف تأطير الأحزاب السياسية وعدم انخراط غالبيتها في تخليق الممارسة السياسية وتزكيتها لكائنات انتخابية محتكرة لمؤسسات البرلمان في إقصاء فادح لفئة الشباب، بحيث لا تتوانى عن خرق القانون وتوظيف الأساليب غير المشروعة لضمان مصالحها الشخصية ومراكمة رأسمالها المادي بمصادرة حق المواطنين في الاختيار الصائب لمن يمثلهم في المجالس المنتخبة والمؤسسات التشريعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق