أخباررسالة موجهة إلى ...

ما هذا التبذير للمال العمومي في شراء السيارات الفارهة يارئيس مجلس المستشارين..؟!

ben-chemmas

لم نكن نتوقع إقدام رئيس مجلس المستشارين على الموافقة على شراء السيارات الفارهة لأعضاء مكتب المجلس، تبعا لمواقفه من الإنفاق العمومي حينما كان في معارضة المجلس، حيث كان حرصه عاليا على انتقاد الحكومة المنتهية ولايتها في تدبير الميزانية، ودفاعه المستميت على الترشيد في الإنفاق العمومي .. ويعلم اللـه وحده، مبررات هذا التحول في سلوك هذا المناضل المشاكس للحكومة، الذي أقدم اليوم على شراء سيارات فارهة من نوع مرسديس لأعضاء مكتبه، في الوقت الذي لا توجد فيه ضرورة لذلك، وفي الوضع المالي للوطن الذي لا يتحمل هذا النموذج من الإنفاق بحكم الخصاص في الموارد المالية التي يحتاج إليها المواطنون في أكثر من قطاع عمومي.

لسنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، بصدد إثارة الموضوع للنيل من صاحب القرار، أو نقد القرار جملة وتفصيلا .. فامتلاك المشرعين لوسائل النقل التابعة للمجلس لاجدال فيها حتى يتمكنوا من القيام بواجباتهم في أحسن الظروف، لكن انتقاء وسيلة النقل من هذا النوع الفاره من السيارات هو المعني بنقدنا، سيما أن البرلمانيين يجب أن يكونوا، سواء من الأغلبية أو المعارضة في طليعة من يدافعون على تخليق تدبير المال العمومي في المؤسسات التي ينتمون إليها، وإن كان لا مفر من تأمين النقل الممتاز، فيجب أن يمولوه من جيوبهم .. خصوصا، أن أغلبهم يتقاضون عدة تعويضات عن المهام التي يقومون بها في الجماعات والجهات أو الإدارات العمومية، ويمكنهم الاستغناء عن هذا الإنفاق من المال العمومي كما هو معمول به في أغلب برلمانات العالم، ناهيك عن ضعف المردودية في المسؤولية التي يقومون بها كنواب رئيس مجلس المستشارين، الذين لا تتجاوز مهامهم رئاسة جلسات المجلس ودوراته ولجنه الدائمة.

إن تخصيص 700 مليون لشراء سيارات المرسيديس لأعضاء مكتب المجلس، يعتبر تبذيرا للمال العمومي ويجسد مضمون المثل المغربي:”زيد الشحمة في ظهر المعلوف”، لأن أعضاء مكتب المجلس يتقاضون تعويضات إضافية تتناسب ومسؤولياتهم البرلمانية الجديدة إلى جانب مداخيل أخرى خارج المجلس، فهم ليسوا في حاجة إلى هذه السيارات .. وإن كانوا يحترمون مسؤولياتهم اتجاه المغاربة، فعليهم أن يساهموا بهذا المبلغ لدعم المشاريع التنموية التي تحتاج إلى هذه الموارد، خاصة التي تهم المواطنين في العالم القروي أو المساهمة في الأعمال الاجتماعية التي تزايدت الحاجيات المجتمعية فيها، أو في برامج تأهيل البرلمانيين الذين يفتقرون إلى المؤهلات والخبرة والمعرفة التي تساعدهم على الارتقاء بمهامهم التشريعية والرقابية.

أمام هذه النازلة المرفوضة من رئيس مجلس محسوب على المعارضة البرلمانية الجديدة .. نسائل رئيس حزبه إلياس العماري عن ما حدث، وكيف يرى هذا السلوك في الوقت الذي يطالب فيه حزب الأصالة والمعاصرة بالحكامة والتدبير الرشيد للمرفق العمومي ..؟ وهل هو موافق على هذه النازلة من رئيس مجلس المستشارين ..؟ وهل شراء السيارات الفارهة في واقعنا الاقتصادي والاجتماعي الراهن الذي نحسد على إفلاسه وتأخره يقبل بهذه الممارسات في تدبير المال العمومي ..؟.

ليكن جواب وتعليق رئيس حزب الأصالة والمعاصرة كما يريد، لكن الذي لا يجب تجاهله وتجاوزه أن هذا السلوك لم يلجأ إليه المسؤولون السابقون على برلماننا إلا إذا كانت دواعي يحتفظ بها أصحاب هذا القرار ولا يرغبون في الإفصاح عنها في الظرف الحالي، أو أن الإقدام عليها يدخل في سياسة تتعلق بشروط التصادم مع الأغلبية الجديدة لفرملة شروط التوافق على الحكومة التي يحاور بن كيران زعماء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان من أجل تشكيلها في أقرب الآجال.

حتى لو كان شراء السيارات الفارهة من ميزانية المجلس، أو من الميزانية العامة، فإن هذا القرار مطعون فيه، ويجب التراجع عنه، لأن الوطن في حاجة إلى هذا المال العمومي لتلبية حاجيات المواطنين المتصاعدة، وإذا كان أعضاء المكتب يرغبون في السيارات الفارهة فيمكنهم شراؤها من تعويضاتهم التي لا تتطابق مع هزال مردودهم التشريعي والرقابي الذي يوجد عليه إجماع وطني.

الحق مع العقلاء الذين يتريثون في اتخاذ ما يتناقض ومسؤولياتهم السياسية والدستورية التي يجب أن تكون في أرقى تطبيقاتها الأخلاقية النبيلة التي تعكس روح المواطنة والنزاهة والتضحية والتواضع .. وعلى ضوء ذلك، هل يصح أن يكون البرلماني بهذا السلوك النفعي الاستهلاكي الذي يضر سمعته اتجاه المواطنين الذين يترقبون منه العفة والنبل في أداء مهمته النيابية ..؟ مع التذكير أننا نطالب بتوفير كل الوسائل التي تسمح لهذا البرلماني بممارسة مهامه كما تمارس في الدول الديمقراطية، بالإضافة إلى أن التعاقد الذي يجمع البرلماني بقاعدته الناخبة لا يوجد فيها هذا الشرط الذي يجب أن يسمح له بالحصول على هذه السيارة الفارهة التي يقترحها رئيس مجلس المستشارين لأعضاء مكتبه .. اللهم إن لم تكن له ولغيره من البرلمانيين الغيرة على حسن تدبير المال العمومي المضمون لهم من دافعي الضرائب.

إن القرارات التي لا تتناسب ووضعهم البرلماني الاعتباري في المؤسسات التي يمثلون فيها المواطنين، لا يجب أن تجعلهم لا يتورعون في تحقيق مصالحهم الشخصية على حساب عموم المواطنين وفي المؤسسة المنتخبة الوطنية، التي يجب أن يكون سلوك أعضائها مثالا للوعي الراقي بأمانة النيابة عن الشعب والدفاع عنه .. اللهم إن كان رئيس مجلس المستشارين قد قرر التحول بسرعة عن كل القيم الديمقراطية والنضالية والحداثية التي كان يتميز بها قبل أن يصبح رئيسا للمجلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق