أخبارمتفرقات

جزئيات في إعلامنا المعاصر

بقلم: ذ. عبد اللـه عزوزي

نعم، إن للإعلام دورٌ في صناعة الحضارة و إشاعة قيمها الخصوصية و الكونية بين الناس، لدرجة أصبح فيها حضور الإعلام أو غيابه في الأوطان، كما المؤسسات، علامة فارقة بين النجاح و الفشل.

تنجح المؤسسات حينما يكون الإعلام حاضرا، لكن ليس أي إعلام، لأن ليس كل ما يكتب يعد إعلاما ..!

و تفشل مؤسسات أخرى حينما تبحث عن الإعلام في بهوها و محيطها فلا تجده؛ فتتحول إلى مجرد كهوفٍ تتخذ العناكب على مداخلها بيوتا. أو تتحول في أحسن الحالات إلى ناعورة ماء تعيش على تدوير نفس المياه من شروق الشمس إلى غروبها، و من مطلع العام إلى حين بداية احتفالات أعياد الميلاد و إيقاد أضواء شجرة الكريسمس

azzouzi-taounate

وعلى الرغم ما للإعلام من أهمية، فإنه تحول إلى مجرد اتصال، بل ربما إلى شيئٍ سطحي كسطحية رجل سياسي يستقبل مسؤولا عند بوابة مدرج الطائرة، يصافحه ثم يتركه يمشي ..! لكن، و حتى نكون منصفين، كثيرا ما يتحول الإعلام إلى نقيض الدور الريادي المطلوب منه؛ فبدل الاستثمار في الدعاية الناجحة و البناءة و الجذابة .. يجد نفسه آلة هدامة، مُفَكِّكة، ومنفرة. لماذا ..؟ و متى ..؟ لأنه سطحي، ولأن الفاعلين فيه يعتبرونه “طرفا للخبز” و ليس “طرفا في التنمية”، ولأن الذين ولوجوه، و لجوه من باب المحسوبية و الزبونية و الحزبية؛ أو لأنهم وجدوا أنفسهم فيه بمجهوداتهم الشخصية و لم يدرسوا مدارسه العالمية، مادامت مدارسه الوطنية لم تراكم بعد ما يمكن أن يُعَد مدرسة فَذَّة

بقي أن نقول، أنه يستحيل أن نتكلم عن دولة ديموقراطية و متقدمة ما لم يكن الإعلام واجهتها القوية و الخلاقة و العميقة و الشاملة …، و مالم يكن فيها الإعلام مدرسةً و جامعة قبل أن يكون حقيبة و وزارة

فيوما عن يوم يبرهن الإعلام الجاد و الهادف أنه كان وراء صناعة الكثير من مفترقات الطرق و إحداث الكثير من القطائع المعرفية و السلوكية و السياسية

وأمام تعنث الساسة و جشع الإقطاع و الانحرافات السلوكية، التي تضر بالبيئة و بالمواطَنة و تهدد قيم العيش المشترك و المساوات في الكرامة و الحق في الاستفادة من مبدأ الانتساب للوطن .. يبقى الرهان على الإعلام هو الرهان المُبشر بالعدل و الديموقراطية و تكافئ الفرص في الأفق المنظور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق