للمستقلة رأي

بعض مما قيل عن تشكيل حكومة سعد الدين العثماني

HASSAN TA

يخيل لبعض المجبرين أن يكونوا منظرين لهذه المرحلة التاريخية الدقيقة من تاريخ المغرب، وأن يتجاوزوا جميع الخطوط الحمراء في تنظيراتهم للشأن السياسي والحزبي والنقابي الوطني، لتلميع وجودهم النخبوي الذي تجاوزته الأحداث، وأصبحوا من خلاله مطالبين بنقد توجهاتهم المفرطة في الرؤيا المتشائمة من معطيات هذه المرحلة إلى الدرجة التي أصبحوا يعتقدون فيها أنهم يملكون الشرعية في طرح رؤاهم التي يغلب على الكثير منها الانفلات المنهجي والتحليلي والمذهبي، وهذا ما أصبح يستدعي قراءات خاصة لمضامين اجتهاداتهم التي تقفز على أبسط العوامل المتحكمة في طبيعة هذه المرحلة على جميع الأصعدة.

ولنقل ما نريد التعبير الواضح عنه، ولنترك التخيلات الافتراضية التي لم تعد تقوى على فرض شرعية تداولها، فبالأحرى الاستئناس بها في وصف خلفيات نموذج الحكومة الائتلافية الجديدة التي يعتبرها حسن طارق حكومة أغلبية ممنوحة، مع أن أطياف المشهد الحزبي الذي تتكون منه معروفة، وتمتلك الشرعية الانتخابية التي تسمح لها بأن تكون .. اللهم إن كان حسن طارق لا يعترف بشرعية نتائج الانتخابات التي أفرزت هذه الأغلبية بكل مالها وما عليها في إطار التمرين الديمقراطي الذي مر منه الفاعلون أثناء المشاورات.

حتى الزميل توفيق بوعشرين الذي شرح ملامحها الخمسة، كما يتوقع في شهر ابريل المعروف بارتفاع المفرقعات الكاذبة التي تبحث فقط عن ما يؤهلها لتكون صحيحة في نظر من يتلقاها وسط الرأي العام .. فالأغلب، أن زميلنا لم يستيقظ بعد من هول المسار الذي انتهى إليه هذا التمرين الديمقراطي الجديد مع أحزابنا، سواء كانت من الأغلبية أو المعارضة، وننصحه بالنظر الجيد للمعطى الذي تحاول الأطراف المشاركة في التحالف الحكومي فرضه حتى لا تتيه في خلاصاته النقدية الملتبسة حول ما يجري من أجل الإعلان عن هذه الحكومة الجديدة.

إن اختلاق المبررات للموقف السياسي المراد تمريره للأطراف المعنية به أو لعموم المواطنين، وبهذا الإمعان في رسم الصورة والحدث الذي يغازل الذات المفكرة لا يوفر شروط المصداقية التي يجب أن يعبر عنها بوضوح، بعيدا عن هذا الاجتهاد الذي لايتحمله الموضوع المطروح للنقاش .. وحبذا، لو تم تعويض ذلك بعرض ما هو واقعي، عوض هذا الغموض المبالغ فيه، فحدث الأزمة الحكومية أصبح يتطلب إصلاح العطب في النص القانوني الدستوري، لا البحث عن تأويل لا يمكن الاشتغال عليه حاليا، كما أن تبرير الأخطاء التي ارتكبها بن كيران لا يجب أن يكون مقدمة لإعفائه من النقد والمساءلة، فالمواقف السياسية تحتاج دائما إلى المراجعة والتقييم لتجويدها وتبرير أسباب الوثوق بها، هذا ما كان يجب الانتباه إليه من قبل بن كيران أثناء المشاورات مع الأحزاب حسب ترتيبها الانتخابي.
وختاما، احترامنا لوجهات نظر كل من حسن طارق وتوفيق بوعشرين في تخيل خلفيات تشكيل الحكومة الجديدة، فإن هذا البعض مما قيل عن مخاض تشكيلها لا يسمح لكليهما بطرح وجهة نظره باعتبارها الأرقى مما هو متاح في هذه الظرفية التاريخية التي يمر منها الوطن .. وننصح من موقعنا في المستقلة بريس لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، بضرورة التواضع المعرفي والسياسي في مناقشة مثل هذه القضايا المفتوحة على كل الاحتمالات والمتغيرات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق