أخبارملفات و قضايا

بالحوار المجتمعي المواطن والمسؤول فقط يمكن الحفاظ على السلم الاجتماعي

441

كشف الاحتقان الاجتماعي للحسيمة وجرادة أهمية التفعيل للحوار المجتمعي المسؤول بين الأطراف المعنية، الممثلة للساكنة وكافة المتدخلين في تدبير الشأن العام، من مجالس وسلطات ومصالح حكومية .. فما حدث في الحسيمة وجرادة من احتقان وتوتر اجتماعي لم يكن بالإمكان أن يؤدي إلى المظاهرات والصدام وتخريب الممتلكات والتأثير على الاستقرار والسلم والأمن لو تدخلت الأطراف المعنية بتأطير السكان والنيابة عنهم في المجالس الجماعية والجهوية في الوقت المناسب، وكان التنافس بينهما في الاتجاه الذي يعالج المشاكل التي فجرت الاحتجاج والاحتقان في الشارع، بدل البحث عن من سيكون المتهم والضحية وكبش الفداء ومن سيعلق الجرس في النهاية.

ثبت بالملموس، صحة القول أن قيام القوى الحزبية والنقابية والمدنية بمسؤولياتها الدستورية في التأطير والتأهيل الديمقراطي المجتمعي هو الضامن لتكريس الحوار المجتمعي المؤطر والتنموي المفضي إلى الحلول والمعالجة للمشاكل المطروحة، وأن غياب هذه الوسائط التنظيمية والحوارية هي التي تؤدي إلى خلق الاحتقان والتوتر واستمرار أسبابها على جميع الأصعدة .. فماذا قدمت الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني والسلطات المنتخبة الحكومية من أجل تفعيل التواصل الحواري لمعالجة المشاكل المطروحة ..؟ وما هي الاقتراحات والمشاريع المقدمة للنهوض بواقع الساكنة المحلية والجهوية عبر هذه المنظمات المعنية بتأطير الساكنة والنيابة عنها في المجالس المحلية والجهوية ..؟

لن نسلك في مناقشة أسباب الاحتجاج في جرادة وغيرها على ضوء هذه الخلاصة النقدية، فالأطراف المعنية تدرك افتقارها إلى الوعي بمسؤوليتها فيما يحدث وتتخندق وراء مبررات واهية، أبسطها منع الأجهزة الحكومية من توفير شروط التواصل والحوار المفضي لمعالجة المشاكل في المجالس الجماعية والجهوية والإقليمية، وهذا ما أصبح في حكم التهرب من تحمل المسؤولية الملقاة على الأطراف الحزبية والنقابية والمدنية المقصرة في أدائها لواجباتها التأطيرية والتنموية التي لا تباشرها إلا بمناسبة العمليات الانتخابية فقط، أو بمناسبة عقد تجمعاتها وندواتها ومؤتمراتها .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن الكرة في ملعب هذه الهيئات التي منحها دستور المملكة التمثيل والتأطير للمواطنين، التي هي المعنية مباشرة بتنظيم الحوار واستثماره الجيد لإيجاد الحلول لكل القضايا والمشاكل قبل تدخل الحكومة والبرلمان، وهذا مايؤسس إلى أن الحوار المجتمعي المنعدم في الأقاليم والجهات والجماعات هو الذي يجب أن يكون منطلقا لتحقيق أهداف التواصل والحوار مع الساكنة المحلية.

إن ما حدث في جرادة والحسيمة، يمكن أن يحدث في المستقبل في مناطق أخرى، وهذا ما يفرض على الجهات المسؤولة المنتخبة والحكومية ضرورة تفعيل الحوار المجتمعي المواطن والمسؤول، الذي يظل هو الأرضية والقناة الحقيقية لتحويل الاحتقان والاحتجاج إلى مبادرات ومشاريع واقتراحات من الفئات المجتمعية المشاركة في الاحتقان والاحتجاج، وهذه مهمة القوى الحزبية والنقابية والمدنية على جميع المستويات التي تملك دستوريا وقانونيا شرعية تمثيل السكان وتأطيرهم .. فهل ستتحرك هذه الجهات التي هي في النهاية المعنية بالارتقاء بوعي السكان وتوظيفه في المجالات التي تخدم التنمية والتطور والسلم في المجتمع ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق