أخبارمجتمع

مخيمات ألف ليلة وليلة -في ضيافة نظام المطعمة-

مخيم

ذ. عبد الرحمان مجدوبي

دأبت منظمة الطلائع أطفال المغرب -فرع فم العنصر- على تنظيم مخيمات بشراكة مع وزارة الشباب والرياضة، ورسمت خطا تخييميا خاصا انفردت به على الأقل وطنيا حسب ما نعلم بتمكينها أطفال التربية غير النظامية –البرنامج الذي يسهر عليه فرع المنظمة- من أبناء المناطق الجبلية النائية ذكورا وإناثا من فرصة التخييم بما يعتري هذه العملية من مشاق، تبدأ برفض أولياء الأمور تسريح أبنائهم في العطلة، للاستفادة من مجهوداتهم في الحصاد وجمع المحاصيل والرعي وتوفير الماء، وتنتهي بمشكل نقلهم للمخيمات من مناطق يصعب فيها السير حتى على الأرجل بعدتهم التي تفضح منذ البداية مستوى معيشتهم المتدني وانعدام ثقافة التخييم لدى الساكنة .. إذ، غالبا ما يتم حمل متاعهم في أكياس صنعت خصيصا لتخزين الحبوب وانتعالهم لأحذية بلاستيكية فقدت عذريتها ويئست من الأرجل التي تنتعلها، ناهيك عن الملابس الرثة التي تهمس في آذاننا قصص الطفولة الضائعة المغتصبة التي يتحول فيها ذراع صبي لذراع رجل وأكتاف صبية لظهر حمال تقوس بفعل سياط الزمن وألم أعواد الحطب وقلل الماء الذي تعادل قيمته قيمة الفضة في هذه المناطق.

في البداية، لم يكن قبول التجربة إلا بشرط مرافقة قلة من الأولياء للأطفال ومتابعة ما يجري داخل المخيم حتى نهاية المرحلة، كيف لا وهذه الشريحة من المجتمع لا تعلم شيئا، فهي معزولة، تعيش في الهامش وعلى فتات ما جادت به الجهات المعنية، خائفة من – الآخر- ومن ثقافته التي أصبحت تصارعهم مصير الأبناء وتبشرهم باندثار معالم أعراف تجعل من الجبل مسقط رأس عند الولادة وحتى الوفاة.

تجربتنا لهذه السنة يمكن الاعتبار منها واستخلاص النتائج وتوثيق هذا المشهد يجعلنا نوثق شهادة ستضع كل في خانته وأمام مرآته ومسؤولياته التي تحملها بمحض إرادته ومع نفسه، بعيدا عن المنصات وأضواء الكاميرات وخشبات المسرح وسيناريوهات الأفلام التراجيدية التي تصنع الأبطال من ورق والشهداء من كذبة والقدوة من خرافة والرياسة من ضعف والتطوع من أهداف لا يعلم جوفها إلا الله، ولا يفضح كنهها إلا الجلوس فوق كرسي المسؤولية التي حملها صاحبها اختيارا لا جبرا بأصواتنا التي غدرت ورمت بنا في بحر لجي ليس له قاع سوى قضاء أغراض المقربين وتحقيق أحلامهم والصراع مع المعارضات الداخلية والخارجية لتندثر أحلام المصوَّتين المترقبين والمخيمين الكادحين .

مخيماتنا إذن حقل تجربة أثبت يقينا وبمعادلات غير قابلة للشك أن الجماعة الترابية فم العنصر -إقليم بني ملال- لا يمكن لها أن تكون شريكا حقيقيا، فهي لا تستطيع ذلك وغير مؤهلة لتحمل مثل هذه المسؤولية لما قامت بسد جميع قنوات الحوار أمام الجمعية وصرحت بعدم قدرتها على تقديم المساعدة لشريحة لا ترى السهل إلا مرة في السنة، ولا تعتقد الشمندر الأحمر سوى دما مراقا، ولا تعتقد بوجود نظام للصرف الصحي لأن الغابة تفي بالغرض ولو على مضض، أما ألوان الحلوى وبعض الوجبات التي يتفنن فيها طباخ المخيم فلا تتعدى أن تكون حلما ينتظر توقيع الرئيس وسخاء المسؤولين الذين جعلوا من اختيار نظام المطعمة أسلوبا لتجويع أبناء الشعب وأكل دريهماتهم التي جادت بها السيدة الوزارة بيسراها فاختطفتها اليد اليمنى التي تتقن الحساب وتفويت الصفقات والمشاريع .. اختطفتها في ليل دامس، وجادت بعلب الصينيال والكولكات وفرشات الأسنان وزينت بورشات السلامة الطرقية جميلا منها ومن الجهات المانحة لفئة كادحة -أطفال المناطق الجبلية النائية- تنتظر الإنصاف ورد الاعتبار والنظر إليها نظرة إنسانية كما ينظر لأبناء موظفي بريد المغرب وشركات الماء والكهرباء وشركة الفوسفاط وكوكاكولا .. في الوقت الذي أجهز نظام المطعمة على خيارات مقتصدي الجمعيات وجعلهم فريسة تحت أضراس الممونين وأصحاب الحال في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق