أخبارالبيانات

عن قوانين الصحافة والإعلام الجديدة الكارثية والمجلس الوطني للصحافة

1

ليس هناك من موقف اتجاه تهديدات السادة وكلاء النيابة العامة للصحافيين والإعلاميين، إلا من يحرض على الاحتقان والغليان في مشهدنا الصحفي والإعلامي، والتلويح بتطبيق هذه القوانين الجديدة المطعون في شرعيتها، مهما كانت الاحتجاجات والانتقادات التي نبهت النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إلى مخاطرها ومساوئها خلال مراحل صياغتها، وقبل المصادقة البرلمانية عليها، وطلبت من وزارة العدل عدم الالتزام بها واحترام مقتضيات ظهير الحريات العامة لسنة 1958، وما جاء في الدستور المغربي الجديد لسنة 2011، والمعاهدات التي صادق عليها المغرب.

إن مواقف النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، الرافضة لهذه المدونة الكارثية، ولمن يلوحون بتطبيقها ضد عموم الصحافيين والإعلاميين تبرئ ذمتها من كل المستجدات والتطورات التي يمكن أن تحدث، وتدعو إلى وقف جميع الإجراءات المزمع إقرارها في المشهد الصحفي والإعلامي الذي كان الفاعلون يتطلعون إلى منظومة قانونية تتجاوب مع تطلعاتهم في المزيد من الحريات والضمانات والحوافز، التي تجعله في مستوى الإصلاحات السياسية والدستورية التي تحققت، وفي مستوى المهام التي لا يزال جلالة الملك محمد السادس أيده اللـه، يذكر بها باستمرار، والمتمثلة في الدور الإخباري والرقابي والتنويري التي للأسف جاءت هذه المدونة الثلاثية الجديدة لفرض الوصاية عليها.

إن حكومة الولاية التشريعية السابقة، التي قادها حزب العدالة والتنمية، هي التي تتحمل مسؤولية هذه القوانين الجديدة الكارثية، لما كان رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران يلوح بها ضمن خرجاته ضد العفاريت والتماسيح الذين يطاردونه ويعرقلون مشاريعه الإصلاحية والتنموية خدمة لدوائر التحكم والدولة العميقة، وقد نفذها وزيره في الاتصال السابق، كما كان يتوعد بها عموم الصحافيين والإعلاميين عبر مدونة الصحافة والنشر، وقانون الصحفي المهني، وقانون المجلس الوطني للصحافة .. هذا الأخير، الذي انتخب بقانون لا يضمن الشفافية والديمقراطية والحرية في اختيار أعضائه، وعلى المقياس الذي يصون مصالح النقابة الأكثر تمثيلية وفيدرالية الناشرين، بدون أن تكون عضويته متاحة لكافة مرشحي النقابات والجمعيات والفيدراليات التي تؤطر الفاعلين.

لن نعطي الدروس لأحد، كما أن التاريخ لن يرحم من يشوهه .. ونعتبر الخطأ الجسيم في انتخاب المجلس الوطني للصحافة وأعضائه من الصياغة القانونية التي لم تكن في مستوى تطلعات الفاعلين، كما أن حضور الصحافيين في هذا المجلس ليس بالقوة التي تمنحه القدرة على الحسم في قضايا الصحافة .. ناهيك عن باقي مكوناته التي لا يجب أن تحظى بالعضوية في المجلس الوطني للصحافة، والتي يجب اللجوء إليها من قبل المجلس الذي يؤطره المهنيون فقط.

إن الظرفية الوطنية الراهنة التي يواجه فيها المغرب اليوم خصوم وحدته الترابية واستقلاله السياسي، تقتضي تشريعات تحررية ومواطنة في المجال الصحفي والإعلامي تتجاوب مع أهميته كسلاح في المعركة التي سيخوضها الصحافيون والإعلاميون وهم مرتاحون على حقوقهم ومصالحهم، الشيء الذي يسمح لهذه المنظمات المؤطرة للصحافيين والإعلاميين لتكون ملائمة لمجهوداتهم في الدفاع عن الوطن ومصالحه العليا .. لذلك، يجب مصارحة الرأي العام الوطني وعموم الفاعلين بما وقع أثناء الصياغة وما بعدها، وحدود مسؤوليتها في هذه التركة القانونية التي رفضتها النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، منذ بداية التفكير فيها عقب “خردة” الكتاب الأبيض الذي صدر هو الآخر بنفس الطريقة، ولم يجد لحسن الحظ من يساند أطروحاته الهيمنية من الناحية القانونية والتنظيمية.

وفي هذا الإطار، فإن الواقع يشهد على من يتحمل المسؤولية في كل الأخطاء التي وقعت، ويجب التحرك لوضع حد للجدل والإشاعات .. خصوصا، بعد انتخاب المجلس الوطني للصحافة بالقانون الذي صدر ضمن هذه الثلاثية المطعون فيها، والتي تحتاج إلى إعادة الصياغة والغربلة والتعديل والتصحيح قبل اعتمادها النهائي من قبل المؤسسة التشريعية المعنية بضرورة إعادتها للنقاش المجتمعي لتصحيحها واستجابتها لمطالب وتطلعات الفاعلين المهنيين، والكرة الآن في ملعب المجلس الوطني للصحافة، -بالعلات التي ولد بها- لاحتواء الأخطاء المسجلة، وصياغة قوانين جديدة تمكنه وكافة الفاعلين من تطوير المشهد الصحفي وعقلنته وتنظيمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق