أخبارحوارات

حوار مع البروفيسور العراقى محمد جياد الفتلاوى

JIYAD 2

* حاورته ذ. خولة خمري

كيف يقدم لنا الدكتور محمد جياد الفتلاوي نفسه ..؟

*ككل عراقي أنا مواطن بسيط، عشت التهجير و التنكيل والتشريد .. لكنني، قاومت كل الظروف و واجهت كل المعيقات، وتعلمت وكبرت أحلم بأن أرى بلدي تتخلص مما هي فيه من أزمات .. عشت أمورا مريرة جدا، تعرضت للنصب والاحتيال من طرف منظمات وهمية كاذبة تدعي خدمة الإنسانية ومساعدة المهجرين بالعراق ومعطوبي الحرب الأمريكية على العراق..

 حضرتك مواطن عراقي وباعتبارك شاهد عيان على ما يحدث هنا ك .. هل بإمكانك أن توصل لنا المشهد الحاصل بالعراق، خاصة بعد التمكن من القضاء على داعش ..؟

*كما سردت لك سيدتي لقد مررنا بظروف جد صعبة تشبه أفلام هولييود .. لكن، بنسخة حقيقية، وليس مجرد صور، وما قلته لك يعتبر نقطة من بحر ما يعانيه الشعب العراقي .. هذه الظروف الصعبة التي مرت على البلاد من تنكيل بالجثث ونشر للطائفية وقتل للأبرياء بشكل عام أدت بالعديد من العوائل إلى النزوح من مدينة إلى أخرى، هروبا من هذا الجحيم، حيث كان الناس يبحثون عن الأمان لهم ولعيالهم، فكان لنا نصيب من هذه المأساة، فلطالما سمعت عن مآسي كثيرة فهذا بتر أحد أطرافه، وهذا دفن زوجته بيده دون كفن، وقصص أخرى وكأنها من قصص أفلام الرعب الخيالية، لدرجة أنك لا يمكن أن تستوعبيها أو تصدقيها، وما مدينة الموصل، وما حصل فيها أثناء الاحتلال الأمريكي الغاشم إلا خير دليل، فكل العالم شاهد صور التخريب والدمار، وكل العالم شاهد كيف كان يعذب الأبطال في سجون أبو غريب.

 وبخصوص الأوضاع الاجتماعية حسب تتبعنا للمشاهد القاسية عبر مختلف وسائل الإعلام خاصة بالموصل، الوضع الإنساني كارثي هناك .. هل بإمكانك أن تنقل لنا أحد المشاهد التي بقيت عالقة بذهنك ..؟

*المشهد المهم هناك هم الايزيديين في نينوى تم قتلهم والتنكيل بهم وجثثهم لحد يومنا هذا مازالت الجثث تحت الأنقاض، معزولين عن العالم، لا أحد يعينهم .. مرضى رغم وجود الأدوية لا تعطى .. لهم جوعى رغم وجود الطعام، انتشرت الأمراض بينهم هناك، مثل مرض السرطان الكبد والتسمم وأمراض غريبة انتشرت خاصة بين للأطفال، وأمراض أخرى لا يتوفر لهم ابسط سبل العيش الكريم.

انتشار الخطابات التكفيرية يتم الترويج لها عبر مختلف وسائل الإعلام على أنها وليدة البيئة العربية، وبالذات عند التيارات الإسلامية .. هل هذا صحيح، أم أن ذلك ناتج عن عدة عوامل خاصة الخارجية منها ..؟

*حسب اعتقادي البسيط، الخطابات التكفيرية انتشرت بسبب عوامل داخلية أكثر منها خارجية، وذلك راجع لعدم الفهم الحقيقي لجماليات الدين الإسلامي الذي يحث على التسامح .. ومازاد الطين بلة وسائل الإعلام التي تقتات على هذه الأمور، بل إن الكثير منها أصبحت تتفنن في هذا من أجل تحقيق السبق الصحفي على حساب أمة بأكملها .. فالإعلام له دور أساسي في ذلك بسبب بعض من الإعلاميين الغير مدركين لسماحة دين الإسلام، وأنه الدين الوحيد تقريبا الذي يدعو إلى التسامح وقبول الآخر، فهو دين متكامل ويتماشي مع جميع نواحي الحياة ومواكب للزمان والمكان .. ولذلك، لما تم تغييب هذه المفاهيم الرائعة أصبحنا نهتم بقشورالدين، من مثل ذلك الذي أفتى بتحريم أكل الموز على المرأة كونه مثير جنسيا .. وذلك، الذي صرح من منبر ديني بان من رأى أحد الحكام العرب بمنامه فقد حصل على صك مباشر لدخول الجنة، فأي غباء وصلنا له باسم الدين وإلى أين نحن ذاهبون بهذه الأفكار البالية ..؟

 بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 تم الإعلان من أمريكا عن جعل تلك السنة سنة للتعايش والحوار بين الأديان .. لكن، الواقع أدى إلى عكس ذلك، فشاهدنا ضرب العراق وغيرها ما تحليلكم لذلك ..؟.

* كان مخطط لها أساسا فدخلوا العراق ولفقوا لنا تهمة حيازة أسلحة الدمار الشامل، بعدها سوريا وبعدها ليبيا واليمن ودول عربية أخرى بالطريق، وتورط العديد من الحكومات العربية في هذه المؤامرة .. ولعل الدارس الجيد لتاريخ الحركة الصهيونية يجد بأن جورج بوش يعتبر الابن المدلل للماسونية بالعالم، فهم رهن إشارتهم .. ولعل الخطاب الذي قيل بأنه زلة لسان يوم اعتلى عرض حكم الولايات المتحدة الأمريكية، فقال لقد عادت الحروب الصليبية من جديد يبين لنا مدى الحقد الدفين الذي يكنه الغرب و الحركة الصهيونية بالعالم للوطن العربي والأمة الإسلامية جمعاء، ولمن لا يعرف، فإن الدولة العراقية هي الدولة المستهدفة رقم واحد في كتبهم المقدسة من أجل تسهيل الأمر على مهديهم الذي ينتظرونه بأرضنا العراق .. ولذلك، تم تخريب العراق بهذا الشكل بعد أن كانت بلاد حضارة وعلم أصبحت تئن تحت وطأة الطائفية والجماعات الإرهابية.

 برأيك كناشط مدني ما الأدوات الكفيلة التي تراها مناسبة وتقترحها على الحكومات أو المنظمات الناشطة بهذا الميدان لنشر قيم المواطنة وحب الوطن بين أبناء الشعب الواحد رغم اختلا ف دياناتهم وتوجهاتهم الفكرية ..؟.

*أنا أتوجه للدولة بشكل خاص راجيا منها حصر المنظمات ضمن مسؤولياتها وتدعمهم وتسهل انضمامهم، وتقدم لهم التسهيلات الكافية حتى يكون هناك نوعا من الشفافية ومتابعة من طرف الدولة، بهذا تمنع اللصوص المنتمين للمنظمات، ويكون من السهل إيصال المساعدات للفقراء والأيتام والمحتاجين والمهجرين، خاصة بالمناطق النائية .. فالناس تعاني هناك بشكل كبير، وأطالب المنظمات المعنية بهذا الجانب إلى ضرورة إقامة ندوات فكرية دائمة تعمل على التوعية بأهمية تقبل الآخر ونشر ثقافة التعايش بدل نشر خطابات الكراهية والأحقاد بين شعوبنا.

الدول العربية تعيش العديد من الأزمات، سواء الاقتصادية أو السياسية فيما بينها، ما قراءتكم للأسباب الحقيقية وراء هذا .. وهل يمكن القول أن الخلل الأول كامن بالنظام السياسي فقط، أم أن الخلل أبعد من ذلك ..؟.

*الوطن العربي يرزح تحت وطأة العديد من المشاكل والأزمات العميقة، فالإشكال لا يكمن في الكيان السياسي فقط كما تظن غالبية الشعوب العربية، لكون أنظمتنا العربية تتبع فقط، وليست صاحبة قرار، فطبعا هناك من يفتعل الأزمات لإضعاف الدول العربية بإيعاز من بعض الخونة .. لكن، الإشكال الأكبر يكمن في بنية التفكير وانتشار ثقافة الخنوع والانبطاح وعدم القدرة على تغيير النفس، وإلقاء التهم على الآخر دون مبرر حقيقي، وهو ديدن أغلب مفكرينا الذين يلقون باللوم على شماعة المؤامرة عوض الالتفات إلى الذات العربية والإسلامية من أجل تحقيق النهضة التي لطالما تغنى بها رواد الفكر العربي، خاصة أصحاب التوجه الإسلامي.

دكتور في نهاية حوارنا، نطرح عليكم سؤالا .. ما هو تصوركم لواقع ثقافة العيش المشترك بالوطن العربي بعد خمسون سنة ..؟.

*أولا، لابد أن نعي بأن الوطن العربي هو وطننا جميعا بجميع أطيافنا و جميع توجهاتنا العقدية و الفكرية وغيرها .. أظن بأن الوعي العربي مازال تحت وطأة المخلفات الاستعمارية المباشرة، وما زاد الطين بلة مع انتشار موجة العولمة وتفشي العوام المفتوحة على مصراعيها، مما أدى إلى تزايد حدة صراع الهويات وعدم احترام خصوصيات الشعوب و ثقافتها، وهو ما أثر بشكل كبير علينا .. سيكون من الجيد توسيع آفاق الدول العربية والتصالح بينهم، والتخلص من الحساسيات الموجودة بين الكثير من الدول العربية التي تعتبر قطب القيادة للأمة العربية والإسلامية كعلاقة مصر والجزائر التي تشهد توترات كلما كان هناك لقاء كروي، فلا بد من الترفع عن مثل هذه النعرات القبلية التي لن تغني و لا تسمن من جوع، و نجسد ثقافة العيش المشترك و تقبل الآخر، كما هو لا فرض أفكارنا و معتقداتنا عليه، فلا إكراه في الدين ونحن مطالبون فقط بالنصح والهداية بيد الرحمن .. فالحقيقة ليست بيد أحد و إن ادعى كل واحد منا امتلاكها.

 كلمة أخيرة تعبر فيها عما يجول بخاطر ك وما تود قوله لقراء المستقلة بريس والمتتبعين ..؟

رسالتي أوجهها بدرجة أكبر للشباب العربي، أقول لهم ضع لك هدفا نصب عينيك وامضي فيه قدما، واكتشف شغفك وركز عليه بشكل جيد مهما كان بسيطا سينمو تدريجيا .. فالعالم يفتح أبوابه لمن عرف دربه وخطط له لا من يمشي بعشوائية لا يدرك لا من أين أتى و لا إلى أين هو ذاهب، ولا تنسى وأنت في طريقك أن تستغل الفرص التي تصادفك، مهما كانت صغيرة، أوجد لك منها نصيبا ولو طفيفا .. ففرصة اليوم غير سانحة غدا، فاستغل شبابك قبل هرمك، فشبابك مرحلة قصيرة لا تمتد طويلا، وتأكد بأن مرحلة الشباب هي مرحلة القوة والعزم والإقدام والانطلاق، وهي جزء يسير من العمر، وليست العمر كله، فبادر قبل أن يبدأ ضعفك أيها الشاب

*إعلامية جزائرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق