أخبارمنبر حر

صرخة رجل في زمن الحجر الصحي

BOUJ

عبد الرزاق الفلق

عدت اليوم لاشتم أريج الحياة في دروبك يا فاس، وانتشل من بين ثناياك لحظة استرخاء، تطالعينني بصمت مميت تسألبني عن غيابي ..؟ أصحاب دكاكين أٌخرست صيحاتهم  ..  التاريخ يذكرنا بماضينا وحضارتنا .

فبين دروبك الخاوية تقف شامخة تلك الذكريات الجميلة منقوشة على خذ الجدران وأبواب المساجد، تقول هي ذي فاس العالمة لم تؤثر فيها كورونا، ولم يؤثر فيها الغياب، هو دور يلعبه البشر للحفاظ على الأثر.

هنا القرويين تطل برونقها وعبقها، من يستطيع أن يسلبها البهجة والسرور، من يستطيع أن يوقف زحفها التاريخي بين البلدان، من يستطيع أن ينكر مكانتها العلمية وسطوتها على كل مكان ..؟.

هناك باب بوجلود يقف بكبرياء، فاتحا ذراعيه ليحضن المارة بابتسامة .. يناشدهم البقاء في منازلهم حفاظا على أرواحهم، هو الذي شهد المعارك القوية، ولملم الجراح .. ومع ذلك، يقف بهيبته يصارع الوحدة وينتظر اللقاء الموعود.

لن يخيفنا هذا الصمت الكئيب، فغدا يعلو صوت العطارين، وتتزركش السلالين بكل ما لذ وطاب من خضروات وفواكه، وتسفح بين يدي المارة تمر وعسل وتين.

بالأمس كنا نشكو الزحام وقلة النظام، ونعيب على بعضنا استغلال الملك العمومي وفوضوية التسيير، وقلة الانضباط، واليوم نتحسر على الوحدة والفراق وقلة العناق والإنفاق، ونقف مشدوهين أمام هذا الفراغ ونتمنى أن يعود الماضي القريب بصخبه وفوضويته المنظمة حتى ننعم برؤية الرصيف وأنسامه التي تسبي بما لذ وطاب .

التاريخ سيشهد أننا رفعنا حناجرنا بالتهليل والتكبير، وصافحنا رجالات الأمن والأطباء ورجال التعليم .. أعلينا النشيد الوطني .. رسمنا فرحتنا على الجدران .. لوحات فنية تؤرخ للتضامن والوحدة والإيخاء، وأدركنا والعالم بآسره أن للمغرب رجالا تحميه وتؤازره وتعلي مكانته بين الدول .. غيرنا من فكرنا لنقول لرجالات النظافة،: أنتم الأرقى والأسمى مكانة بيننا .. فبينما كنا في بيوتنا أنتم تكافحون من أجل نظافة البلد ونقائها ما همكم هذا الوباء ولا ثقل الأعباء.

ويبقى الأمل بوابة مشرعة على المستقبل، شريطة أن نغير من طمعنا وجشعنا، وأن نرى المصلحة العامة قبل الخاصة، وأن نبني مغربا جديدا يحافظ على المكتسبات التي حققها أيام الحجر الصحي، وأن ننكب على وضع مخططات تنموية تعطي الأولوية للصحة والتعليم وللمجالات التي من شانها خدمة الوطن، بل وجب أن نجعل الإنسان محور التغيير، وأن نقطع الصلة مع التفاهات وأن نعطي الأسبقية للكفاءات الجادة التي تريد خدمة البلاد تحت القيادة الرشيدة لمولانا المفدى محمد السادس نصره اللـه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق