أخبارمنبر حر

أولوية الأولويات ..!

كتب ذ. عبد اللـه عزوزي

لقد تأبط الإنسان الأرض و فر هاربا بها كما يفر  لصوص و مختطفي الهواتف و حقائب اليد بعد كل عملية خطف ..  عذراً عن تشاؤمي المفرط اليوم، أكاد لا أرى شيئاً يطمئنني عن مصير الإنسان فوق الأرض

 قال أحد المفكرين، بأن “الحياة خطيرة، و أن أخطر ما فيها، أننا لن نخرج منها أحياءً” .. لكننا، كمؤمنين نؤمن بأن “الآخرة خير لنا من الأولى”، و أن رحيلنا لن يكون إلا التحاقا بجوار رب كريم أكرمنا و نحن أجِنَّةً و رضعاً و دونما أن نسأله، فكيف لا و نحن ننام و نستيقظ على ذكره و الاحتماء برحمته و عفوه

لقد سرق الإنسان الأرض بأن جردها من كل إمكانيات استمراريتها، و خرب جمالها، واستنزف خيراتها، و أضرم النار في غاباتها، و جفف سهولها، و أحكم إغلاق مسامِّها و ثقوب تنفسها، و عمل على اندلاع حروب غير مبررة بين شعوبها

تقف أشجار الغابات كتجمهر بشري ممتد، يُغَني المحبة و يحتفي بالحياة، دونما تهديد لأمن اجتماعي أو تعريض حياة الناس للخطر .. فكيف ستكون الإدانة الدولية لو أن جيشا ما، أو فردا من أفراد قوة ما، خولت له نفسه إطلاق النار على المتجمهرين و أردى منهم قتلى بالآلاف ..؟

هذا ما يفعله بالضبط المتعمدون لإشعال النيران في الغابات، الملآى بكائنات حية و بمعجزات إيكولوجية، لغاية في أنفسهم .. إن حرقهم للأشجار  لا يختلف في حجم فظاعته و بشاعته و درجة كفره عن حرق الإنسان حيا

يحدث هذا و أرض وطننا المغرب ظلت تعاني شحا تدريجيا في نسبة التساقطات المطرية طيلة العِقدين الأخيرين، أعقبتها حرائق غابات لا ريب أنها ستزيد من شح التربة و جفاف الأرض (الوطنية) و مجالها الجوي، و سيستفحل الوضع أكثر  و أكثر .. و ستكون له عواقب اقتصادية و اجتماعية لا طاقة لنا و لا لغيرنا على التعامل معها

في عمق هذا السياق، ينصب اهتمام الجمهور على قضايا تبدو ذات أهمية، قضايا صيفية و رياضية .. لكنها، قطعا لن يكون لها أي معنى و حصير الأرض يحترق من تحت أرجلنا، و دخانه ينق أنفاسنا و يُظلِمُ سماءنا

** المنشور مستوحى من لوحة قرأتها هذا الصباح كانت مغروسة وسط حقل من الشتائل، كتب عليها: ” رجاءً لا تطأ بأقدامك علينا، دعنا نكبر”فقط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق