
التوقيت الصيفي .. آثار صحية واقتصادية تدفع الحكومات لإعادة النظر ..!

تعد الساعة الإضافية، أو التوقيت الصيفي، من الظواهر الزمنية التي تؤثر على المجتمعات من عدة جوانب، رغم اعتمادها في بعض الدول بهدف الاستفادة من ضوء النهار، إلا أنها تثير جدلا واسعا بسبب أضرارها المتعددة على الصحة والاقتصاد والحياة الاجتماعية .. الأمر الذي دفع العديد من الحكومات إلى إصدار تحذيرات وتنبيهات بخصوص تعديلها أو حتى إلغاء العمل بها
يؤدي تغيير الساعة إلى اضطراب النظام البيولوجي للجسم، الذي يعتمد على دورات نوم واستيقاظ منتظمة .. لهذا أظهرت دراسات عديدة، مثل تلك التي أجرتها الجمعية الأمريكية للنوم، زيادة في مشاكل الأرق واضطرابات النوم خلال الفترة التي تلي تعديل الساعة، مما يؤدي إلى:
- انخفاض في مستوى التركيز وزيادة الشعور بالتعب
- ارتفاع احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية
- زيادة حالات الاكتئاب والقلق نتيجة اضطراب المزاج
بالنسبة للأطفال، وبالأخص الرضع، يعانون من اضطرابات في النوم و تؤثر على نموهم وتحصيلهم الدراسي، فيما يواجه كبار السن صعوبة في التكيف مع هذا التغيير، مما يزيد من شعورهم بالإرهاق والتوتر
في هذا الصدد، فقد أصدرت حكومات عدة دول، مثل ألمانيا وكندا، تقارير تشير إلى ارتفاع في حوادث المرور وحوادث العمل بنسبة تتراوح بين 10% و15% خلال الأيام التي تلي تعديل الساعة، ويعزى ذلك إلى التعب وقلة اليقظة
رغم أن الهدف الأساسي من التوقيت الصيفي كان تقليل استهلاك الطاقة، إلا أن أهميته الاقتصادية أصبحت موضع شك، إذ:
- تؤدي التغيرات في نمط العمل والنوم إلى انخفاض في الإنتاجية
- تتزايد تكاليف الرعاية الصحية لعلاج الاضطرابات المرتبطة به
كما يسبب الخلل في مواعيد الاستيقاظ وتناول الطعام والنشاطات اليومية ضغطا نفسيا يؤثر سلبا على الحياة الأسرية والاجتماعية
في السنوات الأخيرة، بدأ عدد من الحكومات بالتحرك نحو تعديل أو إلغاء التوقيت الصيفي، حيث:
- أصدر الاتحاد الأوروبي توصية في 2021 بعد استشارة المواطنين لإلغاء تقديم الساعة بداية من 2024، مع السماح لكل دولة باعتماد توقيتها الدائم
- ألغت دول مثل روسيا وتركيا التوقيت الصيفي بالكامل، بعد ملاحظة آثارها السلبية
تأتي هذه الإجراءات ضمن استراتيجيات حكومية تهدف إلى تحسين جودة الحياة الصحية وتقليل المخاطر الناتجة عن التغييرات الزمنية المتكررة
ويشير الباحثون في مجالي الاضطرابات العصبية والطب النفسي إلى ارتباط التوقيت الصيفي بفترة زيادة معدلات الاكتئاب والقلق، موصين بإلغاء التغيير لتقليل هذه المخاطر
كما دعت منظمة الصحة العالمية (WHO) الحكومات إلى دراسة آثار التوقيت الصيفي على الصحة العامة .. مؤكدة أهمية تجنب التغيرات المفاجئة في نظام النوم
ويرى آخرون أن “الاستمرار في تطبيق التوقيت الصيفي يؤدي إلى اختلال في وظائف المخ والهرمونات، مما يشكل خطرا على سلامة الأفراد والاقتصاد الوطني”
في نهاية المطاف، نقترح في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، حكومتنا المغربية إلى إجراء دراسات معمقة تشارك فيها جميع الجهات المعنية لتقييم الأثر الكامل لمساوئ هذه الساعة، مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المواطنين والقطاعات الحيوية .. وذلك قصد العمل على إلغاء الساعة لما لها من تأثيرات مهمة على عدة جوانب حياتية واقتصادية واجتماعية، بهدف تحقيق التوازن الأمثل بين توفير الطاقة وتحسين جودة حياة المواطنين




