للمستقلة رأي

المتابعة والمساءلة الإعلامية والصحفية لا تعني إلا سياساتكم العمومية يا وزراءنا المحترمين

من حق الحكومة ووزرائها على انفراد أن يتضايقون من سلطة الإعلام والصحافة، التي تتابع تدبيرهم للقطاعات التي يشرفون عليها، ومن أن لا يخفوا غضبهم وكراهيتهم لهذا الإعلام والصحافة، اللذان يترصدان أبسط الأخطاء والتجاوزات التي يقعون فيها، ومن أن يردوا على الإعلاميين والصحافيين بقوة تتجاوز في بعض الأحيان الاحترام الذي يجب أن تكون عليه العلاقة بين المسؤولين وعموم الصحفيين والإعلاميين.
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نرفض أن يكون الإعلام والصحافة على الحياد اتجاه تدبير الحكومة للسياسات العمومية المسؤولة عنها، وأن يجد الصحفيون والإعلاميون أنفسهم عاجزين على توجيه النقد الموضوعي والمساءلة لأي مسؤول حكومي، شريطة أن يكون موضوع السؤال والنقد صحيحا ويستهدف إثارة انتباه المسؤول إلى أخطائه وجوانب تقصيره وضعفه في المهمة الملقاة عليه، بعيدا عن التهجم والافتراء والاستخفاف والقذف الغير مسؤول .. لذلك، لا يجب أن يشعر المسؤولون بأنهم مستهدفون من الإعلام والصحافة، يضاف إلى ذلك أن المتابعة الصحفية والإعلامية لا مفر منها في العلاقة بين المسؤولين وسلطة الرأي العام، إذا كان هناك إيمان بأننا في دولة الحق والقانون والمؤسسات، ومنها مؤسسة السلطة الرابعة، التي تتجلى في الرأي العام الذي يمارسه الإعلام والصحافة .. وبذلك لا يجب أن يشعر المسؤولون بالغضب والسخط اتجاه المتابعة الإعلامية والصحفية، التي تخص تدبيرهم للسياسات العمومية التي يتحملون مسؤوليتها، وإلا فما معنى وجود الإعلام والصحافة بدون ممارسته مهامه الإخبارية والنقدية والتنويرية ..؟ وماذا يعن أننا في نظام سياسي دستوري وديمقراطي واجتماعي وبرلماني كما ينص على ذلك دستور 2011، الذي نحتكم إليه جميعا، ونمارس وظائفنا حسب نصوصه في الظرف الراهن ..؟
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، غير راضون على انفعالات المسؤولين المحترمين في جميع القطاعات، ونعتبر ردود أفعالهم السلبية اتجاه عدم حياد الإعلام والصحافة اتجاه ما يقومون به من مهام كموظفين في خدمة الشعب والوطن، وننبه كل من يوجد على رأس أي مسؤولية عمومية في الوزارة وفي أي إدارة عمومية أنه غير محصن من المتابعة الصحفية والإعلامية، وأننا سنفضح وننتقد أخطاءه، وننوه بمنجزاته وحسناته، ولن نتأخر في تقييم أدائه من مساحة الحرية المتاحة لنا .. ولن نجامله أو نغازله في حالة التقصير والفشل التي يمكن أن يقع فيها، حفاظا على مصالح الوطن والمواطنين، والأداء الجيد الذي يجب أن يكون عليه في موقع المسؤولية التي يمارسها فقط .. وسوف نطالبه بالمطلوب منه وفق الوسائل والإمكانيات المتاحة له، ولن تأخذنا الشفقة اتجاه العاجز عن القيام بمسؤوليته كما يتطلع إليها عموم المواطنين .. لأجل ذلك، لا مفر من الحسم في النقاش المفتوح حول موضوع مسؤولية الإعلام والصحافة في متابعة التدبير الحكومي في جميع القطاعات، وعلى مختلف درجاته وخدماته، ونؤكد لمن يتابع مواقفنا في مقالاتنا وتعليقاتنا أننا نحترم توجهنا المستقل والمواطن والديمقراطي في دعوة جميع الإعلاميين والصحفيين إلى احترام ما يجب أن تكون عليه متابعتهم الصحفية والإعلامية لأي مسؤول حكومي، ونرفض أسلوب المساومة والنصب والابتزاز الذي يمكن أن يمارس في هذه المتابعة الصحفية والإعلامية، وحتى لا نتهم بالمزايدة والتضليل، نؤكد لمن يشكك في خطنا التحريري وفي توجه مشروعنا النقابي، أننا ضد الإساءة والإدانة الغير مشروعة لأي مسؤول حكومي، وسنعتبر أي عمل صحفي أو إعلامي من هذا النموذج فاقدا للشرعية والمصداقية التي يجب أن يكون عليها، وسندين صاحبه حتى وإن كان محسوبا علينا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة .. خصوصا، إذا كانت مبررات الخطأ والإرادة في الإقدام عليه واضحة وحقيقية من قبل هذا الصحفي أو الإعلامي، مهما كان موقعه في النقابة، وهذا الوضوح والالتزام منا، لا يعني إلا أن يمارس الإعلام والصحافة المهام الملقاة على عاتقهما بعيدا عن أي سلوك منحرف يمس شرعية ومصداقية العمل الصحفي والإعلامي، الذي قد يحوله إلى أداة للإدانة والابتزاز والتشويه الذي قد يطال الأبرياء من المسؤولين بدون أي حق أو مبرر موضوعي .. وفي هذا الإطار، نوجه انتباه جميع الفاعلين في الإعلام والصحافة إلى ضرورة التقيد بقواعد ومبادئ المهنية التي تمنحهم الاحترام والتقدير من الذين يكونون موضوعا لمتابعتهم الصحفية والإعلامية أولا، قبل ردود الفعل الأخرى في الرأي العام الوطني، الذي لا يشاطرنا في بعض الأحيان نفس الرؤى والمواقف اتجاه الأداء الحكومي والبرلماني والجماعي من الأفراد أو الهيئات الحزبية والنقابية والمدنية التي ينتمون إليها، ونحن على يقين أن المتابعة الإعلامية والصحافية الجادة والمهنية، لا أحد يعترض عليها أو يناقش في منهجيتها وأهدافها التي تخدم الصالح العام، وتروم تقليص مسافة الفساد والاستبداد في الوطن، إلا إذا كان من لا يزال يصارع طواحين الهواء بشأن التحول الديمقراطي والدستوري الذي يوجد عليه الوطن بفضل الإرادة الملكية والشعبية القوية التي تسعى إلى تكريس حقيقة المجتمع الديمقراطي الحداثي، بعيدا عن زيف ودعارة السلوكات الفردية والجماعية المعارضة لهذا المجتمع الذي يقوم على أرقى القيم الكونية المجسدة للحرية والعدالة والديمقراطية والحكامة الجيدة.
ختاما لهذه المقاربة، نؤكد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على صحة مضمون العنوان الذي اخترناه، ولا نرى مانعا في أن يكون موضوعا لنقاش عمومي واسع لمعالجة هذا الموضوع الذي لا يزال الجدل مطروحا فيه على جميع المستويات، في أفق تحصين الفاعلين وحماية المستهدفين منه، وخصوصا الأبرياء منهم، ونطن أننا جميعا مقتنعون بالممارسة المهنية التي تحترم شروط إنجازها، سواء في المجال الإخباري أو النقدي أو التنويري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق