ملفات و قضايا

حول اقتصاد السوق المطلوب في المغرب

يحاول المتشبثون بالفكر الاقتصادي الحر إبراز محاسن اقتصاد السوق وحرية الرأسمال في النشاط الإنتاجي والتسويقي لهذا الاقتصاد، والرهان على تفاعل الأسس التي يقوم عليها، سواء في التمويل أو الإنتاج أو التسويق، وبالنظر إلى مساوئ ذلك على واقع القوة العاملة والقوة الشرائية وقانون العرض والطلب الذي يحدد مدى تطوره أو تأخره، وحيث أن اقتصاد السوق ارتبط تاريخه بالتطور التاريخي للنظام الرأسمالي الذي وصل إلى استغلال الرأسمال الصناعي والتجاري والمالي عن الدولة التي ينتمي إليها وفرضه للقوانين التي تسمح له تجديد سعر العمل والمنتوج وقوانين المنافسة التي تسمح له بمراكمة أرباحه في الاستثمارات التي يملكها، سواء في الدول التي ينتمي إليها أو خارجها، ويخضع في حريته الإنتاجية والتمويلية والتسويقية لما تفرضه الدول التي ترعاه وتحمي احتكاراته خارج دولها للقوانين التي يجب أن يشتغل عليها، سواء تعلق الأمر بالضرائب أو الجودة أو التنافسية، وتشكل مساهمته الأولى في ميزانية الدولة بأكثر من 48 بالمائة، ويعمل في الشفافية مع باقي
الفاعلين في اقتصاد الدولة التي ينتمي إليها، ويحترم قوانين الشغل والرعاية الاجتماعية، كما هو سائد في دول أمريكا الشمالية وأوربا الغربية وجنوب شرق آسيا، ويكرس الحماية التأمينية للعمال عبر تطبيق قانون السلم المتحرك للأجور والأسعار، ولا يتدخل في الحريات النقابية وغيرها من منظومة حقوق الإنسان، ويوفر للقوة المنتجة نصيبها من الأرباح حسب النسب المحددة من الدولة.
ترى هل لنا في المغرب هذا النموذج من اقتصاد السوق الرأسمالي الذي يتجه اليوم إلى أن يكون لبراليا وإنسانيا ..؟ وهل أصحاب المقاولات الصناعية والتجارية والزراعية والمالية في نموذجنا يحترمون هذه الترسانة التي يخضع لها من يمارسون نفس الأنشطة حسب مقتضيات هذا الاقتصاد الحر ..؟ وهل يمكن أن يتحولوا من اقتصاد الريع الذي يشتغلون عليه إلى اقتصاد السوق الذي تؤدي فيه المقاولات ما عليها من مسؤوليات مالية و قانونية اتجاه القوة المنتجة والمستهلكة على حد سواء ..؟ وهل هم مستعدون لأداء الضرائب في 48 بالمائة، المعمول بها في الدول التي تقوم على اقتصاد السوق ..؟ وهل هم مؤمنون إجمالا اقتصاد السوق في الدول الرأسمالية الغربية الذي توجهه القيم اللبرالية في جميع جوانبه القنونية والإنتاجية والتمويلية والتشغيلية والتسويقية، وإن لوحظت على بعض مقاولاته التي توظف استثماراتها خارج أوربا وأمريكا وجنوب شرق آسيا بالأمراض والظواهر السلبية التي يقوم عليها اقتصاد السوق في نموذجنا المغربي وفي كل الاقتصاديات المشابهة في العالم الثالث .. ما أحوجنا إلى اقتصاد السوق المتميز بهذه الخصائص التي يوجد عليها في الدول الغربية الرأسمالية التي تحرص حكوماتها على تأمين مصالح قوتها العاملة وما تدفع مقاولات هذا الاقتصاد من ضرائب مقابل حرية نشاطها الإنتاجي والتسويقي التي تظل مساوئه حكرا على أرباب المقاولات فقط، كما حدث في الأزمة المالية لسنة 2008، التي لم تتأثر شعوبها بآثارها السلبية،.

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على علم بانعدام هذه المقومات في اقتصاد الريع عندنا باستثناء الأقلية، وهي التي لا يقاس عليها في الحكم على مدى تطور أو تأخر أي مجال، ونعتقد أن ازدهار اقتصاد السوق المغربي مرتبط بالاشتغال على القيم والقوانين التي يعمل عليها اقتصاد السوق في الدول الرأسمالية المتقدمة، والالتزام بما تنص عليه في أفق أن يكون اقتصاد السوق المغربي حسب المواصفات المطلوبة منه مستقبلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق