ملفات و قضايا

وزير الحكامة وسوء استخدام قانون المقايسة

لم يمض على تخفيض أسعار المحروقات نتيجة الانخفاض الذي عرفته أسعار النفط في الأسواق الدولية، وقتا طويلا، حتى عادت الوزارة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة إلى الأسعار السابقة، وبزيادة تذكرنا بالمثل المغربي (الزيادة من راس الأحمق)، فهل نحن ياوزير الحكامة أمام تطبيق سليم لقانون المقايسة، الذي أصبحت تعتمد عليه في التعاطي مع التحرير الجنوني للأسعار ..؟ أم أننا فقط أمام سوء استخدام لقانون المقايسة ..؟ وللوزير المحترم واسع النظر في الجواب على سؤالنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي ترى في هذا الاستخدام الفج والمتخلف والسيئ عودة إلى سياسة فرض الأمر الواقع على المستهلك ومستعمل المحروقات .. وبالتالي، إصرار من الوزارة واللوبي المتحكم في تجارة المحروقات على استغلال قانون المقايسة في غير مجالات استعماله، حيث لا يكون اللجوء إليه إلا لحماية القوة الشرائية للمواطنين، بدل الزيادة في التحملات التي يعانون منها في غياب التطبيق السليم لهذا القانون.
إن الوضعية الحالية لمعيشة القاعدة العريضة من المواطنين لا تسمح بهذه الفوضى في التعاطي مع أسعار المواد الاستهلاكية والمحروقات، التي وصل لهيب ارتفاعها إلى مستوى قياسي يمكن أن تكون له عواقب على ذوي الدخل المحدود، وعلى القوة الشرائية التي يجب أن لا تتأثر بهذه التقلبات في الأسعار، التي لم يعد فقراء الوطن قادرون على تحملها.
وإذ تطرح النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، هذا الموضوع على وزير الشؤون العامة والحكامة، فلأن السكوت عن ردود الفعل من جراء الزيادة، بدل التخفيض في أسعار المحروقات التي ليست هناك مبررات أمام المسؤولين للتجاوب معها أو احتوائها، إذا كان هذا هو نموذج استخدام قانون المقايسة، ونعتقد أن الظرفية الدولية لا زالت تسمح بالمزيد من التخفيض في أسعار المحروقات، بدل الرفع منها، وإن كان لا مفر من الزيادة، فيجب أن نتجه إلى المواد الاستهلاكية الراقية التي لا تستهلك من طرف القاعدة العريضة من المواطنين، كذلك يجب الزيادة في دخول المواطنين عبر الزيادة في الأجور للعاملين والمتقاعدين، حتى تكون قوتهم الشرائية في مستوى هذا الارتفاع الصاروخي للأسعار.
شكرا للمستشار الذي كشف لوزير الحكامة النتائج الكارثية لقانون المقابية، الذي حاول إبراز محاسنه والسبق الوطني الذي تحقق به القضاء على صندوق المقاصة، وضبط أسعار المحروقات، وتنويه المؤسسات المالية الدولية على نجاح الحكومة في استخدام القانون المذكور، وهذا ما لم يجب أن يعبر عنه السيد الوزير الذي يتجاهل الواقع اليومي لعموم ذوي الدخل المحدود، والذين أصبحوا عاجزين على تلبية حاجياتهم المعيشية الأساسية، خصوصا، في المغرب العميق أو غير النافع، الذي لا يزال مغيبا في السياسة الحكومية، ناهيك عن الطوابير الجديدة من العاطلين الذين لا دخل لهم، والذين يوسعون قاعدة مسحوقي الوطن، مما يؤكد على سوء استخدام الحكومة لقانون المقايسة الذي يتطلب تغطية اجتماعية تكافلية كبيرة لا تملك الحكومة منها في الظرف الراهن أي شيء.
حينما نؤكد على ضرورة حسن استخدام قانون المقايسة، فإننا لا نتحدث من الفراغ، ويكفي وزير الشؤون العامة والحكامة التعرف على استخدامه في دول الجوار الأوربي، التي لا تلجأ إلى هذا النموذج من الاستخدام لقانون المقايسة رغم الأزمة المالية والاقتصادية التي تعاني منها، الناتجة عن عربدة رأسمال السوق الحرة في الأسواق التجارية والمالية العالمية، وبحثها عن مراكمة أرباحها على حساب ضحايا عولمة نظامها الرأسمالي الطبقي الوحشي، الذي تريد أن يصبح النظام الاقتصادي العالمي الجديد، مهما كانت الظروف والتحديات التي يمكن أن تواجهها في هذه الفترة الدقيقة من التاريخ المعاصر التي تريد أن تكون سيدة له رغم أنف الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق