
بعض الصحافيين المغاربة لا يملكون إلا الصبر والانتظار ..!
نصح الصحافيون المغاربة بالصمت لأنهم إذا تكلموا فقد يغضبون (…) قيل لهم مهما كان ويكون لا تنفعلوا، فغضب -اللي على بالكم- (…) قد يكون حادا كطبعه وكلامه وتصرفاته، وقد يهدم “الهيكل” على رأس الجميع، والهيكل هنا هو مشروع قانون الصحافة المنتظر، الذي قد يأتي أو لا يأتي، والذي ورث من السلف الراحل .. وقيل للصحافيين أن يصبروا، وقيل لهم أيضا أن ينتظروا الانتظار .. الانتظار، ثم الانتظار وإلا الغضب
الصحافيون صامتون، صابرون لا يتكلمون، للأوامر منفذون .. منتظرون .. وكأن على رؤوسهم ألف طير، لا طائرا واحدا .. يختارون كلماتهم بدقة -إن هم سمحت لهم الظروف بعد إذن (…)- يراجعون تصريحاتهم بأناة، ويحسبون خطواتهم وكأنهم يتعلمون “الحبو”، لا مانع لدى الذين نصحوا الصحافيين بالصمت والصبر والانتظار، لو تداول الصحافيون في أمرهم واجتمعوا وتشاوروا، شرط ألا يصدروا قرارا .. وإن كان هناك من قرار، فليكن قرار الصبر والانتظار .. فالانتظار في نظر صاحب النصيحة (…) هذه الأيام فضيلة، خاصة وأننا أمة أدمنت الانتظار منذ القدم .. ونحن في حالة الانتظار، كل تاريخنا كان تاريخ انتظار، من انتظار دمقرطة توزيع دعم الدولة المادي إلى انتظار بطاقة الصحافة السحرية التي تسيل اللعاب
ومن انتظار الجلوس مع وزير القطاع، رغم موافاته بأكثر من سبع طلبات تتعلق بالمقابلة، إلى انتظار قانون جديد للصحافة يوضح المعالم، إلى انتظار الانتظار نفسه .. ومن انتظار العمل على حذف العقوبات السالبة للحرية إلى انتظار تطبيق العدالة واستقلال القضاء، ومن انتظار اعتبار حرية الرأي والتعبير حقا من حقوق الإنسان إلى انتظار تخويل الصحافيين الحق في الوصول إلى المعلومة والسماح بنشرها دون قيد أو شرط، ومن انتظار وانتظار وانتظار إلى انتظار
وكم مرة قفزت إلى أذهاننا فكرة لملمة حقائبنا نحن الصحافيين، الذين لا مظلات لنا (المستقلين)، لنذهب إلى عاصمة المملكة، زرافات وليس وحدانا، وكان حلمنا أن نغادر قاعة الانتظار التي فرضت علينا الإقامة بها، وكم كان أملنا كبيرا افتراش التراب أمام باب وزارة الاتصال في وقفة احتجاجية سلمية، عساها تأتي بجدوى .. لكن، ضلينا ننتظر معجزة تطبيق حق المساواة بيننا وبين الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف (المقربون أو المحظوظون) دون نصيب .. وسرعان ما عدنا إلى رشدنا وطردنا الفكرة من أذهاننا، لما علمنا أن قرارات الوزارة الوصية لا تتغير ولن تتغير، رغم تناوب العديد منهم على حمل حقيبتها .. ومن يومها ونحن ننتظر، فما المانع اليوم إذا انتظرنا وصبرنا قليلا ..؟
ونحن نخط مسودة هذا الموضوع، فإذا بشيطان الكتابة يهمس في آذاننا قائلا: ” أيها الصحافيون المغاربة، ما الذي تنوون فعله اليوم بعدما صمت الآذان، ولم يبق أحد يرغب في سماعكم، وأنتم تحاربون الفساد بكتاباتكم، وتشيرون بأصابعكم إلى المفسدين المتربعين على كراسي الحكم ..؟”
أجبنا شيطاننا بكل فخر واعتزاز: “لا خوف على الصحافيين في هذا البلد، لأن رياح التغيير قد بدأت تتحرك، ولنا موعد مع الإصلاح الذي سيمكننا بعد أيام قلائل أو أسابيع مقبلة من الوقوف في وجوه العابثين”
وعاود شيطان الكتابة همسه باستهزاء: “أي تغيير تنشدون ..؟ ألم يأت في العديد من الخطب على لسان ملك البلاد: ‘… ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية، وضمان ممارستها، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، بكل أبعادها…” فأين أنتم من هذا ..؟
أجبنا شيطاننا العنيد: “تعودنا نحن معشر الصحافيين أن نتلقى من حين لآخر بعض الصفعات التي يريد أصحابها ثنينا عن سبر أغوار عوالم فضائحهم، وفتح ملفات الفساد المستشري في هذا المجتمع”، وبما أننا لا نملك إلا الانتظار والصبر، فاللـه على كل أمر قدير